الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 222 - 227 ] ( والحدث والجنابة فيه سواء ) وكذا الحيض والنفاس ، لما روي { أن قوما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : إنا قوم نسكن هذه الرمال ، ولا نجد الماء شهرا أو شهرين ، وفينا الجنب والحائض والنفساء ، فقال عليه الصلاة والسلام عليكم بأرضكم }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث : روي { أن قوما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا قوم [ ص: 228 ] نسكن الرمال ، ولا نجد الماء شهرا أو شهرين ، وفينا الجنب ، والحائض ، والنفساء ، فقال عليه السلام : عليكم بأرضكم } ، قلت : رواه أحمد في " مسنده " والبيهقي في " سننه " وكذلك إسحاق بن راهويه في " مسنده " من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة { أن ناسا من أهل البادية أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة ، ويكون فينا الجنب ، والنفساء ، والحائض ، ولسنا نجد الماء ، فقال عليه السلام : عليكم بالأرض ، ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة ، ثم ضرب ضربة أخرى ، فمسح بها على يديه إلى المرفقين }انتهى .

                                                                                                        قال في " الإمام " : قال أحمد ، والدارمي : المثنى بن الصباح لا يساوي شيئا ، وقال النسائي : متروك الحديث انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به ، وابن لهيعة أيضا : ضعيف ، وله طريق آخر ، رواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا أحمد بن محمد البزار الأصبهاني ثنا الحسن بن حماد الحضرمي ثنا وكيع بن الجراح عن إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكره ، وقال : لا يعلم لسليمان الأحول عن سعيد بن المسيب غير هذا الحديث ، وقد روي عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد به انتهى .

                                                                                                        ( أحاديث الباب ) : روى البخاري . ومسلم من حديث عمران بن حصين { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم ، فقال : ما منعك يا فلان أن تصلي في القوم ؟ فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ، ولا ماء ، فقال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك ، }انتهى . أخرجاه مختصرا ومطولا .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود عن { عمرو بن العاص ، قال : احتلمت في ليلة باردة ، وأنا في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح ، ثم أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يقل شيئا }. ورواه الحاكم ، وقال : على شرط الشيخين ، وفيه كلام طويل ذكرناه في أحاديث الكشاف ، وفي رواية { أن عمرا احتلم فغسل مغابنه ، وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم صلى }بهذا الحديث ، رواها الحاكم ، ثم البيهقي .

                                                                                                        وقال الحاكم أيضا : على شرط الشيخين ، قال : وعندي أنهما [ ص: 229 ] عللاه بالرواية الأولى " يعني لاختلافهما " وهي قصة واحدة ، قال : ولا تعلل رواية التيمم رواية الوضوء ، فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة " يعني أن رواية الوضوء يرويها مصري عن مصري ، والتيمم بصري عن مصري " ، قال البيهقي : ويحتمل أن التيمم ، والوضوء وقعا ، فغسل ما أمكنه ، وتوضأ ، وتيمم للباقي وقال النووي في " الخلاصة " : وهذا الذي قاله البيهقي ، متعين . والحاصل أن الحديث حسن ، أو صحيح انتهى . .



                                                                                                        أحاديث التيمم للجنازة .

                                                                                                        روى ابن عدي في " الكامل " من حديث اليمان بن سعيد عن وكيع عن معافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء ، فتيمم }انتهى .

                                                                                                        قال ابن عدي : هذا مرفوعا غير محفوظ ، والحديث موقوف على ابن عباس انتهى . وقال ابن الجوزي في " التحقيق " قال أحمد : مغيرة بن زياد : ضعيف الحديث ، حدث بأحاديث مناكير ، وكل حديث رفعه ، فهو منكر انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " المعرفة " : المغيرة بن زياد ضعيف ، وغيره يرويه عن عطاء لا يسنده عن ابن عباس ، هكذا رواه عبد الملك بن جريج عن عطاء موقوفا ، وقد رواه اليمان بن سعيد عن وكيع عن معافى بن عمران عن مغيرة ، فارتقى درجة أخرى ، فبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ، واليمان بن سعيد : ضعيف ، ورفعه خطأ فاحش انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عمر بن أيوب الموصلي عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس ، قال : إذا خفت أن تفوتك الجنازة وأنت على غير وضوء ، فتيمم وصل انتهى .

                                                                                                        ورواه الطحاوي في " شرح الآثار " ورواه النسائي في " كتاب الكنى " عن المعافى بن عمران عن مغيرة به موقوفا ، وأخرج ابن أبي شيبة نحوه عن عكرمة . وعن إبراهيم النخعي . وعن الحسن ، وأخرج عن الشعبي " فصل عليها على غير وضوء " ، وروى البيهقي من طريق الدارقطني ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن عمر . وابن أبي مذعور ثنا عبد الله بن نمير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه أتي بجنازة ، وهو على غير وضوء ، فتيمم وصلى عليها ، انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : وهذا لا أعلمه إلا من هذا الوجه ، ويشبه أن يكون خطأ ، فإن كان محفوظا فيحتمل أنه كان في سفر ، وإن كان الظاهر بخلافه ، والله أعلم انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية