الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : لله علي بدنة فإن شاء نحر جزورا ، وإن شاء ذبح بقرة عندنا وقال الشافعي لا يجوز إلا الجزور ( وجه ) قوله أن البدنة في اللغة اسم للجمل ، والدليل عليه قوله تعالى { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله } ثم فسرها بالإبل بقوله - عز وجل - { فاذكروا اسم الله عليها صواف } أي : قائمة مصطفة ، والإبل هي التي تنحر كذلك .

                                                                                                                                فأما البقر فإنها تذبح مضجعة وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { البدنة تجزئ عن سبعة والبقرة تجزئ عن سبعة } .

                                                                                                                                حتى قال جابر { نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ميز بين البدنة والبقرة } فدل أنهما غيران .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روينا عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( الهدي من ثلاثة والبدنة من اثنين ) وهذا نص وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا سأله وقال : إن رجلا صاحبا لنا أوجب على نفسه بدنة أفتجزيه البقرة ؟ فقال له ابن عباس : رضي الله عنه مم صاحبكم ؟ قال من بني رباح فقال متى اقتنت بنو رباح البقر ، إنما البقر للأزد وإنما وهم صاحبكم الإبل .

                                                                                                                                ولو لم يقع اسم البدنة على البقر لم يكن لسؤاله معنى ولما سأله ، فقد أوقع الاسم على الإبل والبقر لكن أوجب على الناذر الإبل ; لإرادته ذلك ظاهرا ; ولأن البدنة مأخوذة من البدانة - وهي الضخامة - وأنها توجد فيهما ، ولهذا استويا في الجواز عن سبعة ، ولا حجة له في الآية ; لأن فيها جواز إطلاق اسم البدنة على الإبل ، ونحن لا ننكر ذلك .

                                                                                                                                وأما قوله : إنه وقع التمييز بين البدنة والبقرة في الحديث فممنوع ; لأن ذكر البقرة ما خرج على التمييز بل على التأكيد كما في قوله عز وجل { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } ، وكما في قول القائل جاءني أهل قرية كذا فلان وفلان على أن ظاهر العطف إن أول على التغيير والتسوية بينهما في جواز كل واحد منهما عن سبعة يدل على الاتحاد في المعنى ولا حجة مع التعارض ولو قال : لله علي جزور فعليه أن ينحر بعيرا ; لأن اسم الجزور لا يقع إلا على الإبل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية