الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : أجمع المسلمون على أن الصلاة المفروضة خمسة، وهذه الآية التي نحن في تفسيرها دالة على ذلك؛ لأن قوله : ( حافظوا على الصلوات ) يدل على الثلاثة من حيث إن أقل الجمع ثلاثة، ثم إن قوله تعالى : ( والصلاة الوسطى ) يدل على شيء أزيد من الثلاثة، وإلا لزم التكرار، والأصل عدمه، ثم ذلك الزائد يمتنع أن يكون أربعة، وإلا فليس لها وسطى، فلا بد وأن ينضم إلى تلك الثلاثة عدد آخر يحصل به للمجموع وسط، وأقل ذلك أن يكون خمسة، فهذه الآية دالة على وجوب الصلوات الخمسة بهذا الطريق، واعلم أن هذا الاستدلال إنما يتم إذا بينا أن المراد من الوسطى ما تكون وسطى في العدد لا ما تكون وسطى بسبب الفضيلة ، ونبين ذلك بالدليل إن شاء الله تعالى ، إلا أن هذه الآية وإن دلت على وجوب الصلوات الخمس لكنها لا تدل على أوقاتها، والآيات الدالة على تفصيل الأوقات أربع :

                                                                                                                                                                                                                                            الآية الأولى : قوله : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [الروم : 17] وهذه الآية أبين آيات المواقيت ، فقوله : ( فسبحان الله ) أي : سبحوا الله ، معناه صلوا لله حين تمسون، أراد به صلاة المغرب والعشاء [ ص: 125 ] ( وحين تصبحون ) أراد صلاة الصبح ( وعشيا ) أراد به صلاة العصر ( وحين تظهرون ) صلاة الظهر.

                                                                                                                                                                                                                                            الآية الثانية : قوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) [الإسراء : 78] أراد بالدلوك زوالها ، فدخل فيه صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم قال : ( أقم الصلاة ) أراد صلاة الصبح.

                                                                                                                                                                                                                                            الآية الثالثة : قوله : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار ) [طه : 130] فمن الناس من قال : هذه الآية تدل على الصلوات الخمس؛ لأن الزمان إما أن يكون قبل طلوع الشمس أو قبل غروبها، فالليل والنهار داخلان في هاتين اللفظتين.

                                                                                                                                                                                                                                            الآية الرابعة : قوله تعالى : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) [هود : 114] فالمراد بطرفي النهار : الصبح، والعصر، وقوله : ( وزلفا من الليل ) المغرب والعشاء، وكان بعضهم يتمسك به في وجوب الوتر؛ لأن لفظ زلفا جمع فأقله الثلاثة.

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية