الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1201 [ 613 ] وعن عبد الله بن شقيق قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عن تطوعه ؟ فقالت : كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ، ثم يخرج فيصلي بالناس ، ثم يدخل فيصلي ركعتين . وكان يصلي بالناس المغرب ، ثم يدخل فيصلي ركعتين ، ويصلي بالناس العشاء ، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر ، وكان يصلي ليلا طويلا قائما ، وليلا طويلا قاعدا ، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد ، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 62)، ومسلم (730) (105)، وأبو داود (1251)، والترمذي (436) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقولها : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي تسع ركعات فيهن الوتر : هو مثل حديث سعد بن هشام ، قالت : كان يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها ، إلا في الثامنة ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة ، وهذا مخالف لما يأتي بعد هذا من قولها : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ركعتين ، ويوتر بواحدة ، ولما قالت : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ، يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس في شيء إلا في آخرها، ولقولها : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر ، ولقولها : يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا كذلك ، ثم يصلي كذلك ثلاثا ، ولقولها : إنه كان يوتر بسبع ، وقد أشكلت هذه الأحاديث على كثير من العلماء ، حتى إن بعضهم نسبوا حديث عائشة في صلاة الليل إلى الاضطراب ، وهذا إنما كان يصح لو كان الراوي عنها واحدا ، أو أخبرت عن وقت واحد ، والصحيح : أن كل ما ذكرته صحيح من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات متعددة ، وأحوال مختلفة ، حسب النشاط والتيسير ، وليبين أن كل ذلك جائز ، ولأجل هذه الأحاديث المختلفة قال الحنفي : إن صلاة النفل ليلا ونهارا لا يشترط فيها الفصل بين كل ركعتين بسلام ، بل يصلي ستا وثمانيا وأقل وأكثر [ ص: 368 ] بتسليمة واحدة . وقال عبد الوهاب بن نصر : والمختار في النفل مثنى مثنى ، ليلا ونهارا . قلت : ويفهم من هذا : أنه يجوز غير ذلك من أربع وست وثمان وعشر ، كمذهب الحنفي . والجمهور ; على أن الفصل بين كل ركعتين أولى وأفضل .

                                                                                              وقولها : كان يصلي ليلا طويلا قاعدا ، وليلا طويلا قائما : فيه : جواز التنفل قاعدا مع القدرة على القيام ، ولا خلاف فيه . وقولها : وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد : هذا يخالف حديثها الآخر : أنه كان يجمع بين القعود والقيام في ركعة واحدة ، ولا تناقض فيه ; فإن ذلك كان منه في أوقات مختلفة ، وبحسب ما يجد من المشقة . والانتقال في النافلة من الجلوس إلى القيام ، أو من القيام إلى الجلوس جائز عند جمهور العلماء : مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم ، وكره محمد بن الحسن وأبو يوسف : أن يبتدئ صلاته قائما ثم يقعد ثم يركع قاعدا . وحجة الجمهور : أنه انتقال من حال إلى حال لو ابتدأ الصلاة عليه لجاز ; كالانتقال من القعود إلى القيام المتفق عليه عندهم وعندنا ، واختلف كبراء أصحاب مالك إذا نوى القيام فيها كلها ، هل له أن يجلس في بقية الصلاة أم لا ؟ على قولين : الأول لابن القاسم ، والثاني لأشهب . وعلى قول أشهب : هل يلزمه ذلك بمجرد النية ؟ أو بإلزامه ذلك نفسه وبالنذر ؟ قولان لأشياخنا .




                                                                                              الخدمات العلمية