الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء ليس في الخيل والرقيق صدقة

                                                                                                          628 حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ومحمود بن غيلان قالا حدثنا وكيع عن سفيان وشعبة عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم أنه ليس في الخيل السائمة صدقة ولا في الرقيق إذا كانوا للخدمة صدقة إلا أن يكونوا للتجارة فإذا كانوا للتجارة ففي أثمانهم الزكاة إذا حال عليها الحول

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله بن دينار ) العدوي مولاهم المدني ، ثقة ( عن عراك بن مالك ) بكسر العين وتخفيف الراء الغفاري المدني فقيه أهل دهلك ، ثقة فاضل ، مات في خلافة يزيد بن عبد الملك بعد المائة ، ودهلك جزيرة قريبة من أرض الحبشة من ناحية اليمن ، هو مدني الأصل ، نفاه يزيد بن عبد الملك إلى دهلك لكلمة قالها أيام عمر بن عبد العزيز .

                                                                                                          قوله : ( ليس على المسلم في قوسه ولا عبده صدقة ) أي إذا لم يكونا للتجارة . قال الحافظ في الفتح : واستدل به من قال من أهل الظاهر بعدم وجوب الزكاة فيهما مطلقا ولو كان للتجارة ، وأجيبوا بأن زكاة التجارة ثابتة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره فيخص به عموم هذا الحديث .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعلي ) أما حديث عبد الله بن عمرو فلينظر من أخرجه . وأما حديث علي فأخرجه أبو داود بإسناد حسن وأخرجه الترمذي أيضا في باب زكاة الذهب والورق .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما .

                                                                                                          قوله : ( والعمل عليه عند أهل العلم ، أنه ليس في الخيل السائمة صدقة ، ولا في الرقيق [ ص: 216 ] إذا كانوا للخدمة صدقة إلا أن يكونوا للتجارة ) وهو قول مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة رحمهما الله .

                                                                                                          قال محمد في موطئه بعد رواية حديث الباب : وبهذا نأخذ ليس في الخيل صدقة سائمة كانت أو غير سائمة . وأما في قولأبي حنيفة -رحمه الله- فإذا كانت سائمة يطلب نسلها ففيها الزكاة ؛ إن شئت في كل فرس دينار ، وإن شئت فالقيمة . ثم في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وهو قول إبراهيم النخعي ، انتهى كلام محمد ، قال القاري في شرح الموطأ : وافقه -أي محمدا - أبو يوسف واختاره الطحاوي ، وفي الينابيع : عليه الفتوى ، وهو قول مالك والشافعي ، انتهى كلام القاري .

                                                                                                          وقال النووي في شرح مسلم تحت حديث الباب : هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها ، وأنه لا زكاة في الخيل والرقيق إذا لم تكن للتجارة ، وبهذا قال العلماء كافة من السلف والخلف ، إلا أن أبا حنيفة وشيخه حماد بن أبي سفيان ، وزفر أوجبوا في الخيل إذا كانت إناثا أو ذكورا وإناثا ؛ في كل فرس دينار ، وإن شاء قومها وأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وليس لهم حجة في ذلك ، وهذا الحديث صريح في الرد عليهم ، انتهى .

                                                                                                          قلت : والقول الراجح المعول عليه هو ما قال به العلماء كافة ، واستدل لأبي حنيفة بما أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق الليث بن حماد الإصطخري أخبرنا أبو يوسف عن فورك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا : " في الخيل السائمة في كل فرس دينار " .

                                                                                                          وأجيب عنه بوجهين : أحدهما أن هذا الحديث ضعيف جدا ، قال الدارقطني : تفرد به فورك ، وهو ضعيف جدا ، ومن دونه ضعفاء انتهى . وقال البيهقي : لو كان هذا الحديث صحيحا عند أبي يوسف لم يخالفه ، انتهى .

                                                                                                          وقد استدل له بأحاديث أخرى لا تصلح للاحتجاج ، وقد أجاب عنها الطحاوي في شرح الآثار جوابا شافيا . من شاء الاطلاع عليه فليرجع إليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية