الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        13502 - فقال مالك في " الموطأ " في رجل تصدق بصدقة فوجدها مع غير الذي تصدق بها عليه تباع ، أيشتريها ؟ فقال : تركها أحب إلي .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        13503 - وقد روي عنه أنه قال : لا يشتريها .

                                                                                                                        13504 - وذكر ابن عبد الحكم عن مالك : من حمل على فرس ، فباعه الذي حمل عليه ; فوجده الحامل في يد المشتري فلا يشتره أبدا ، وكذلك الدراهم والثوب .

                                                                                                                        13505 - وقال عنه في موضع آخر من كتابه : من حمل على فرس فباعه ، ثم وجده الحامل في يد الذي اشتراه فترك شرائه أفضل .

                                                                                                                        [ ص: 328 ] 13506 - قال أبو عمر : كره مالك ، والليث ، والحسن بن حي ، والشافعي شراء الصدقة لمن تصدق بها .

                                                                                                                        13507 - فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخوا العقد ولم يردوا البيع ، ورأوا له التنزه عنها .

                                                                                                                        13508 - وكذلك قولهم في شراء الإنسان ما يخرجه في كفارة اليمين مثل الصدقة سواء ؛ وإنما كرهوا شراءها لهذا الحديث ، ولم يفسخوا البيع ؛ لأنها راجعة إليه بغير ذلك المعنى .

                                                                                                                        13509 - وقد بدا ذلك في قصة هدية بريرة بما تصدق به عليها من اللحم .

                                                                                                                        [ ص: 329 ] 13510 - وقال أهل الظاهر : يفسخ البيع في مثل هذا ; لأنه طابق النهي ففسر بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تشتره ولا تعد في صدقتك " .

                                                                                                                        13511 - ولم يختلفوا أنه من تصدق بصدقة ثم رزقها أنها حلال له .

                                                                                                                        13512 - رواه بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قد وجب أجرك ، ورجعت إليك بالميراث .

                                                                                                                        [ ص: 330 ] 13513 - ويحتمل حديث هذا الباب أن يكون على وجه التنزه للرواية أن بيع الصدقة قبل إخراجها أو يكون موقوفا على التطوع في التنزه عن شرائها .

                                                                                                                        13514 - وقال أبو جعفر الطحاوي : المصير إلى حديث عمر في الفرس أولى من قول من أباح شراء صدقته .

                                                                                                                        13515 - قال أبو عمر : استدل من أجاز للمتصدق به بعد قبض المتصدق عليه له على أن نهيه عن شرائه على التنزه لا على التحريم بقوله صلى الله عليه وسلم في الخمسة الذين تحل لهم الصدقة : " أو رجل اشتراها بماله " . فلم يخص المعطي من غير المعطي وغير ذلك على العموم .

                                                                                                                        13516 - وقال في هذا الحديث أيضا : " أو مسكين تصدق عليه فأهداها المسكين للغني " ، وهذا في معنى قصة بريرة ، وسنوضحه في موضعه إن شاء الله .

                                                                                                                        13517 - وأما ما يوجبه تهذيب الآثار في ذلك عندي فللقول بأنه لا يجوز شراء ما تصدق به ؛ لأن الخصوص قاض على العموم ؛ لأنه مستبق منه .

                                                                                                                        [ ص: 331 ] ألا ترى أنه قد جاء في حديث واحد . يعني " إلا لمن اشتراها بماله " بما لم يكن هذا المتصدق لم يكن كلاما متدافعا ولا معارضا مجمل الحديثين عندي على هذا استعمال لهما دون رد أحدهما بالآخر ، وبالله التوفيق .






                                                                                                                        الخدمات العلمية