الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في الرجوع عن الشهادة وشرط جريان أحكامه الآتية أن لا يكون ثم حجة غيره أخذا من قولهم لو شهدا على خصم فأقر بالحق قبل الحكم فالحكم بالإقرار لا بالشهادة لكن مر في الرجوع عن الإقرار بالزنا وقد قامت به بينة تفصيل ينبغي أن يأتي هنا من أن الحكم إن أسند للبينة جرت أحكام الرجوع فيه أو للإقرار فلا إذا ( رجعوا ) أو من يكمل النصاب به أو مات مورثه الذي شهد له كما مر في مبحث التهمة ( عن الشهادة ) التي أدوها بين يدي الحاكم ( قبل الحكم ) بشهادتهم ولو بعد ثبوتها بناء على الأصح السابق أنه ليس بحكم مطلقا خلافا للزركشي الباحث أنه كالرجوع بعد الحكم وإن قلنا إنه ليس بحكم نعم لا يبعد قوله أيضا ، قولهم بعد الحكم محله فيما يتوقف على الحكم فأما ما يثبت وإن لم يحكم أي : كرمضان فالظاهر أنه كما بعد الحكم ا هـ . بأن صرحوا بالرجوع ومثله شهادتي باطلة أو لا شهادة لي فيه وفي أبطلتها أو فسختها أو رددتها وجهان ويتجه أنه غير رجوع إذ لا قدرة له على إنشاء إبطالها الذي هو ظاهر كلامه بخلاف ما لو قال هي باطلة أو منقوضة أو مفسوخة ؛ لأنه إخبار بأنها لم تقع صحيحة من أصلها وبخلاف ما لو قال أردت بأبطلتها مثلا أنها باطلة في نفسها ثم رأيت من أطلق ترجيح أن ذلك رجوع ويتعين حمله على ما ذكرته آخرا . وقوله للحاكم بعد شهادته عنده : توقف عن الحكم . يوجب توقفه ما لم يقل له احكم ؛ لأنه لم يتحقق رجوعه نعم إن كان عاصيا وجب سؤاله عن سبب توقفه كما علم مما مر .

                                                                                                                              ( امتنع ) الحكم بها لزوال سببه كما لو طرأ مانع من قبول الشهادة قبله إن كان نحو فسق أو عداوة أو صار المال له بموت المشهود له وهو وارثه كما مر لا نحو موت أو جنون أو عمى كما قاله الأذرعي ولأنه لا يدري أصدقوا في الأول أو الثاني ويفسقون ويعزرون إن قالوا تعمدنا ويحدون للقذف إن كانت بزنا [ ص: 279 ] وإن ادعوا الغلط وتقبل البينة بعد الحكم بشهادتهما برجوعهما قبله وإن كذباها كما تقبل بفسقهما وقته أو قبله بزمن لا يمكن فيه الاستبراء ولا تقبل بعده برجوعهما من غير تعرض لكونه قبله أو بعده فيما يظهر ثم رأيت أبا زرعة قال في فتاويه ما ملخصه تقبل البينة بالرجوع ؛ لأنه إما فاسق أو مخطئ ثم إن كان قبل الحكم امتنع أو بعده فإن كانت بمال غرماه وبقي الحكم ا هـ . فعلم أنه ليس لهما بعد الرجوع وإن ثبت بالبينة وكذباها العود للشهادة مطلقا ؛ لأنهما إما فاسقان إن تعمدا أو مخطئان وقد صرحوا بأن المخطئ لا تسمع منه إعادة الشهادة لكن بقيد مر أوائل الباب ويظهر أنه لا يأتي هنا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل : رجعوا عن الشهادة قبل الحكم امتنع إلخ ) . ( قوله : كما بعد الحكم ) قضيته أن كونه كما بعد الحكم لا يتوقف في رمضان على الشروع في الصوم وتقدم في كتاب الصيام ما يقتضي خلافه فراجعه . ( قوله : وفي أبطلتها أو فسختها أو رددتها وجهان ) أرجحهما البطلان ش م ر . ( قوله : ويحدون للقذف إن كانت بزنا ) [ ص: 279 ] عبارة العباب ولو رجع شهود زنا حدوا للقذف وإن قالوا غلطنا وإن رجع بعض الأربعة حد وحده ا هـ . ( قوله : وتقبل البينة إلخ ) أي : وحينئذ يغرمان لثبوت رجوعهما ولهذا قال شيخنا الشهاب الرملي في قوله [ ص: 280 ] في شرح الروض ( فرع ) لو لم يقولا رجعنا لكن قامت بينة برجوعهما لم يغرما قال الماوردي : لأن الحق باق على المشهود عليه ا هـ المعتمد خلافه وأنهما يغرمان لثبوت رجوعهما بالبينة أي : وهذا إذا كان الرجوع بعد الحكم . ( قوله : ثم رأيت أبا زرعة قال في فتاويه ما ملخصه تقبل البينة بالرجوع ) ظاهره القبول مع عدم التعرض المذكور



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) في الرجوع عن الشهادة . ( قوله : وشرط جريان إلخ ) مبتدأ خبره قوله : أن لا يكون إلخ . ( قوله : غيره ) أي : أداء الشهادة فالتذكير نظرا للمغني . ( قوله : فيه ) أي : الرجوع عنها . ( قول المتن رجعوا عن الشهادة ) أي : أو توقفوا فيها بعد الأداء مغني ويأتي في الشرح مثله . ( قوله : أو مات إلخ ) كان الأولى أن يؤخره إلى قبيل قول المتن قبل الحكم . ( قوله : بين يدي الحاكم ) ظاهره ولو نحو أمير بشرطه فليراجع . ( قوله : ولو بعد ثبوتها ) إلى قوله خلافا للزركشي في النهاية . ( قوله : ثبوتها ) أي : الشهادة . ( قوله : السابق ) أي : في آداب القضاء . ( قوله : مطلقا ) أي : سواء كان الثابت الحق أم سببه . ( قوله : الباحث أنه ) أي : الرجوع بعد الثبوت . ( قوله أيضا ) الأولى حذفه . ( قوله : وإن لم يحكم ) أي : به . ( قوله : فالظاهر أنه بعد الحكم ) قضيته أن كونه كما بعد الحكم لا يتوقف في رمضان على الشروع في الصوم وتقدم في كتاب الصيام ما يقتضي خلافه فراجعه سم . ( قوله : بأن صرحوا ) إلى قوله وبخلافه إلخ في النهاية إلا قوله ويتجه إلى بخلاف إلخ . ( قوله : بأن صرحوا ) متعلق برجعوا إلخ في المتن أي : فيقول كل منهم رجعت عن شهادتي . ( قوله : ومثله ) أي : التصريح بالرجوع . ( قوله : وجهان ) أرجحهما البطلان نهاية ومغني . ( قوله : ويتجه إلخ ) خلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا . ( قوله : على إنشاء إبطالها ) أي : مثلا . ( قوله : وبخلاف ما لو قال إلخ ) في هذا العطف ما لا يخفى وكان حق المقام الاستدراك . ( قوله : ويتعين حمله إلخ ) تقدم آنفا اعتماد النهاية والمغني الإطلاق .

                                                                                                                              ( قوله : وقوله ) إلى قوله نعم في المغني وإلى قوله فيما يظهر في النهاية . ( قوله : لأنه لم يتحقق إلخ ) أي : فإن قالوا له احكم فنحن على شهادتنا حكم ؛ لأنه لم يتحقق رجوعهم ولا بطلت أهليتهم وإن عرض شك فقد زال ولا يحتاج إلى إعادة الشهادة منهم لأنها صدرت من أهل جازم والتوقف الطارئ قد زال مغني و روض مع شرحه . ( قوله : عن سبب توقفه ) أي : توقف الشاهد . ( قوله : مما مر ) أي : في مبحث شرط التسامع . ( قوله : امتنع الحكم بها ) أي : بشهادتهم وإن أعادوها مغني ويأتي في الشارح مثله . ( قوله : إن كان نحو فسق إلخ ) عبارة النهاية كنحو فسق أو عداوة أو انتقال المال المشهود به إلخ . ( قوله : كما مر ) أي : في بحث التهمة . ( قوله : ولأنه ) إلى قوله وتقبل البينة في المغني . ( قوله : ولأنه إلخ ) عطف على لزوال سببه والضمير للحاكم كما أظهر به الأسنى والمغني . ( قوله : لا يدري أصدقوا إلخ ) أي : فينتفي ظن الصدق شيخ الإسلام ومغني . ( قوله : ويعزرون إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ويعزر متعمد في شهادته الزور باعترافه إذا لم يقتص منه بأن لم يلزمه برجوعه قصاص ولا حد ولا دخل التعزير فيه أي : القصاص أو الحد إن اقتص منه أو أقيم عليه حد ا هـ . ( قوله : تعمدنا ) أي : شهادة الزور مغني . ( قوله : ويحدون للقذف إلخ ) وإن رجع بعض [ ص: 279 ] الأربعة حد وحده عباب ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإن ادعوا الغلط ) أي : لما فيه من التعيير وكان حقهما التثبت وكما لو رجعوا عنها بعد الحكم مغني . ( قوله : وتقبل البينة إلخ ) أي : وحينئذ يغرمان لثبوت رجوعهما كما اعتمده شيخنا الشهاب الرملي في هامش شرح الروض سم . ( قوله : وقته إلخ ) أي : الحكم . ( قوله : ولا تقبل بعده إلخ ) عبارة النهاية والأوجه عدم قبولها بعده إلخ كما دل على ذلك كلام العراقي في فتاويه ا هـ . ( قوله : قال ملخصه تقبل البينة إلخ ) ظاهره القبول مع عدم التعرض المذكور سم وفيه نظر . ( قوله : فعلم ) أي : من قول أبي زرعة ؛ لأنه إما فاسق أو مخطئ كما هو ظاهر صنيع الشارح أو من قول الشارح ولأنه لا يدري إلخ وهو قضية صنيع المغني . ( قوله : مطلقا ) أي : سواء كانت في عقوبة أو في غيرها مغني . ( قوله : لكن بقيد مر إلخ ) وهو أن لا يكون مشهورا بالديانة اعتيد بنحو سبق لسان أو نسيان




                                                                                                                              الخدمات العلمية