الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 343 ] 186

ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائة

ذكر اتفاق الحكم صاحب الأندلس وعمه عبد الله

في هذه السنة اتفق الحكم بن هشام بن عبد الرحمن أمير الأندلس ، وعمه عبد الله بن عبد الرحمن البلنسي .

وسبب ذلك أن عبد الله لما سمع بقتل أخيه سليمان عظم عليه ، وخاف على نفسه ، ولزم بلنسية ولم يفارقها ، ولم يتحرك لإثارة فتنة ، وأرسل إلى الحكم يطلب المسالمة ، والدخول في طاعته .

وقيل : بل الحكم أرسل إليه رسلا ، وكتب إليه يعرض عليه المسالمة ، ويؤمنه ، وبذل له الأرزاق الواسعة ، ولأولاده ، فأجاب عبد الله إلى الاتفاق ، واستقرت القاعدة بينهم على يد يحيى بن يحيى ، صاحب مالك ، وغيره من العلماء ، وزوج الحكم أخواته من أولاد عمه عبد الله ، وسار إليه عبد الله ، فأكرمه الحكم ، وعظم محله ، وأجرى له ولأولاده الأرزاق الواسعة والصلات السنية .

وقيل : إن المراسلة في الصلح كانت هذه السنة ، واستقر الصلح سنة سبع وثمانين ومائة .

ذكر حج الرشيد وأمر كتاب ولاية العهد

في هذه السنة حج ( بالناس هارون ) الرشيد ، سار إلى مكة من الأنبار ، فبدأ بالمدينة ، فأعطى فيها ثلاثة أعطية ، أعطى هو عطاء ، ومحمد الأمين عطاء ، وعبد الله [ ص: 344 ] المأمون عطاء ، وسار إلى مكة فأعطى أهلها ، فبلغ ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار .

وكان الرشيد قد ولى الأمين العراق والشام ، وولى آخر المغرب ، وضم إلى المأمون من همذان إلى آخر المشرق ، ثم بايع لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون ، ولقبه المؤتمن ، وضم إليه الجزيرة والثغور والعواصم ، وكان في حجر عبد الملك بن صالح ، وجعل خلعه وإثباته إلى المأمون .

ولما وصل الرشيد إلى مكة ومعه أولاده ، والفقهاء والقضاة والقواد ، كتب كتابا أشهد فيه على محمد الأمين ، وأشهد فيه من حضر بالوفاء للمأمون ، وكتب كتابا للمأمون أشهدهم عليه فيه بالوفاء للأمين ، وعلق الكتابين في الكعبة ، وجدد العهود عليهما في الكعبة ، ولما فعل الرشيد ذلك قال الناس : قد ألقى بينهم شرا وحربا . وخافوا عاقبة ذلك ، فكان ما خافوه .

ثم إن الرشيد في سنة تسع وثمانين شخص إلى قرماسين ومعه المأمون ، وأشهد على نفسه من عنده من القضاة والفقهاء أن جميع ما في عسكره من الأموال والخزائن والسلاح والكراع وغير ذلك للمأمون ، وجدد له البيعة عليهم ، وأرسل إلى بغداذ فجدد له البيعة على محمد الأمين .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة سار علي بن عيسى بن ماهان من مرو إلى نسا لحرب أبي [ ص: 345 ] الخصيب ، فحاربه ، فقتله وسبى نساءه وذراريه ، واستقامت خراسان .

[ الوفيات ]

وفيها توفي خالد بن الحارث . وبشر بن المفضل . [ ص: 346 ] وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري .

وفيها مات عبد الله بن صالح بن عبد الله بن عباس بسلمية في ربيع الأول .

وفيها توفي عباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في رجب ، وعمره خمس وستون سنة وستة أشهر ، وهو ابن أخي السفاح والمنصور .

وفيها توفي عمر بن يونس منصرفه من الحج باليمامة .

[ ص: 347 ] وفيها توفي عباد بن العوام الفقيه ببغداذ .

( وتوفي شقران بن علي الزاهد بالأندلس ، وكان فقيها .

وفيها توفي راشد مولى عيسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان قد دخل المغرب مع إدريس بن عبد الله بن الحسن ، وقام بعده بأمر البربر أبو خالد يزيد بن إلياس ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية