الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في فاقد الطهورين الماء والصعيد]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن لم يجد ماء ولا وجد للصعيد سبيلا على أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                        فذهب مالك وابن نافع إلى أنه غير مخاطب بالصلاة في الوقت ولا بالقضاء بعد الوقت .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب : يصلي ولا يقضي.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: يصلي ويقضي، وإن ذهب الوقت.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ : لا يصلي ويقضي.

                                                                                                                                                                                        وروى معن بن عيسى عن مالك في " كتاب ابن سحنون" في أسارى ربطهم العدو ليالي ثم خلى عنهم قال: لا يصلون ما مضى .

                                                                                                                                                                                        قال سحنون: وكان ابن نافع لا يرى على الذين ينهدم عليهم الحائط الصلاة بعد زوال الوقت .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في " المدونة" : يقضون ما فاتهم لأن معهم عقولهم .

                                                                                                                                                                                        وهذا خلاف ما روى عنه معن، إلا أنه لم يذكر ما أوجب القضاء لأنه كان [ ص: 204 ] عليهم أن يصلوا قبل كما قال أشهب ، فلما لم يصلوا وجب القضاء، أو لأنه لا تصح منهم الصلاة بغير تيمم ويجب القضاء كما قال أصبغ .

                                                                                                                                                                                        والذي أختاره أن يصلي على حاله ولا يقضي; لحديث عائشة - رضي الله عنها - " أنها استعارت قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت آية التيمم" . أخرجه البخاري ومسلم .

                                                                                                                                                                                        فثبت أنه مخاطب بالصلاة دون القضاء من وجهين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه لم ينكر عليهم فعلهم; فلو كان غير جائز لأبانه ; لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

                                                                                                                                                                                        وإذا كان فعلهم جائزا كانت الصلاة واجبة; لأنه إذا جاز أداء الفرض على تلك الصفة لم يسقط وجوبه متى كان قادرا على أدائه على وجه الجواز.

                                                                                                                                                                                        فإن قيل: إن ذلك منسوخ بآية التيمم.

                                                                                                                                                                                        قيل: إنما نسخ أداء الصلاة بغير تيمم مع القدرة عليه، فإذا عدم القدرة على استعمال التيمم عاد الأمر إلى ما كان مخاطبا به عند عدم الماء. [ ص: 205 ]

                                                                                                                                                                                        وقال الشيخ أبو الحسن في " الممهد" في المربوط: ينوي التيمم إلى الأرض بوجهه ويديه حسب طاقته، إذ لا يمكن أكثر من ذلك كما ينوي السجود إلى الأرض. [ ص: 206 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية