الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 178 ] فروع أربعة :

                                                                                                                الأول : لو صلى بما يغلب على ظنه طهوريته ، ثم تيقن نجاسته غسل أعضاءه ، وتوضأ ، وأعاد ، وإن ظن ذلك فقولان مبنيان على نقض الظن بالظن كالمصلي إلى القبلة يظن خطأ فعله .

                                                                                                                الثاني : قال : يترتب على قول محمد بن مسلمة إذا توضأ بالإناءين ، وصلى ، وحضر صلاة أخرى ، وطهارته باقية ، والذي توضأ به ثانيا معلوم ، صلى بطهارته ، وغسل أعضاءه من الذي توضأ به أولا ، وتوضأ منه ، وصلى ، وإن لم تكن طهارته باقية ، أو كانت لكنه لا يعلم الذي توضأ به آخرا توضأ بالإناءين كما تقدم .

                                                                                                                الثالث : قال الإمام أبو عبد الله لا تصح صلاة من صلى خلف من يعتقد أنه توضأ بنجس ، ولو كثرت الأواني والمجتهدون . قال صاحب القبس : إذا اختلف ثلاثة في ثلاثة أوان نجس وطاهرين - توضأ كل واحد مما يراه طاهرا ، ويؤم أحدهم ثم الثاني ، ولا يؤمهم الثالث ، لأن إمامة الأول يحتمل أن يكون النجس مع أحد المأمومين ، أو معه ، والثاني يحتمل أن يقول الثالث : يجوز أن يكون النجس وقع في حقي فصلاة إمامي صحيحة ، وإمامة الثالث تتعين النجاسة له ، فلم تجز ، ومتى زاد عدد الأواني ، أو عدد الرجال إذا بقي واحد طاهر جازت الإمامة أبدا حتى يبقى واحد منها ، فيمتنع ، فإن كانت الأواني اثنتين ، وأم أحدهما الآخر ، فلا يجوز أن يؤم الثاني عند علماء الأمصار إلا أبا ثور لعدم تيقن الخطأ ، ولأن المأموم يرى أن صلاة الإمام صحيحة في حقه ، فيجوز له اتباعها ، وهذه المسألة مبنية على تصويب المجتهدين كما قال ، فقد قال أصحاب الشافعي في هذه المسألة الأولى ثلاثة أقوال قال صاحب التلخيص : لا يصح الاقتداء مطلقا لأجل الشك في صلاة الإمام ، وقال أبو إسحاق : الصلاة الأولى صحيحة لكل واحد في اقتدائه ، وفي الاقتداء الثاني تبطل إحدى صلاتيه ، فيلزمه قضاؤهما ليخرج عن الصلاة بيقين ، وقال ابن الحداد : الاقتداء الثاني في حق كل واحد باطل لأن فيه يتعين تقدير النجاسة .

                                                                                                                [ ص: 179 ] الرابع : قال حيث قلنا بالاجتهاد بين الماءين ، فقد خرج القاضي أبو محمد عليه جواز الاجتهاد بين الماء والبول خلافا ش ، و ح ، لأن حقيقة الاجتهاد تميز الحق عن الباطل ، وهاهنا كذلك قال القاضي أبو بكر : هو الذي تقتضيه أصولنا ، وبه أقول .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية