الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويضطجع عليها قال مالك وإنما نهي عن القعود على القبور فيما نرى للمذاهب [ ص: 101 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 101 ] 549 552 - ( مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب ) بلاغه صحيح ، وقد أخرجه الطحاوي برجال ثقات عن علي ( كان يتوسد القبور ويضطجع عليها ) وفي البخاري قال نافع : كان ابن عمر يجلس على القبور . ( قال مالك : وإنما نهى عن القعود على القبور ) بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تقعدوا على القبور " أخرجه أحمد عن عمرو بن حزم الأنصاري . وبقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " رواه مسلم عن أبي مرثد الغنوي . وبقوله صلى الله عليه وسلم : " لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " أخرجه مسلم عن أبي هريرة ( فيما نرى ) بضم النون ، أي نظن ، زاد في رواية ابن وضاح : والله أعلم ( للمذاهب ) يريد حاجة الإنسان بدليل فعل علي ، والقعود والمشي مثله فلم يبق إلا أن ذلك للحاجة . ويؤيده قول عقبة : ما أبالي قضيت حاجتي على القبور أو في السوق والناس ينظرون يريد : لأن الموتى يجب أن يستحيا منهم كالأحياء لأن أرواحهم على القبور ، وزعم ابن بطال أن تأويل مالك بعيد ; لأن الحدث على القبر أقبح من أن يكره ، وإنما يكره الجلوس المتعارف ، وقول النووي تأويله بعيد أو باطل متعقب بأن ما ظنه مالك ثبت مرفوعا عن زيد بن ثابت قال : " إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور لحدث غائط أو بول " أخرجه الطحاوي برجال ثقات ، وقد وافق مالكا على عدم كراهة القعود الحقيقي أبو حنيفة وأصحابه كما نقله الطحاوي عنهم ، واحتج له بأثر علي وابن عمر وأسندهما برجال ثقات ، وقال الباجي : إنه الأظهر ; لأنه صلى الله عليه وسلم زار القبور وأمر بزيارتها ، وذهب الجمهور إلى كراهة ذلك لظواهر الأحاديث المتقدمة ولرواية أحمد عن عمرو بن حزم : " رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا متكئ على قبر فقال : لا تؤذ صاحب القبر " إسناده صحيح .




                                                                                                          الخدمات العلمية