الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين

عطف على قوله : ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم

و ( ثم ) دالة على التراخي الرتبي فإن نزول السكينة ونزول الملائكة أعظم من النصر [ ص: 158 ] الأول يوم حنين ، على أن التراخي الزمني مراد ; تنزيلا لعظم الشدة وهول المصيبة منزلة طول مدتها ، فإن أزمان الشدة تخيل طويلة وإن قصرت .

والسكينة : الثبات واطمئنان النفس وقد تقدم بيانها عند قوله - تعالى : أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم في سورة البقرة ، وتعليقها بإنزال الله ، وإضافتها إلى ضميره : تنويه بشأنها وبركتها ، وإشارة إلى أنها سكينة خارقة للعادة ليست لها أسباب ومقدمات ظاهرة ، وإنما حصلت بمحض تقدير الله وتكوينه أنفا كرامة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإجابة لندائه الناس ، ولذلك قدم ذكر الرسول قبل ذكر المؤمنين .

وإعادة حرف ( على ) بعد حرف العطف : تنبيه على تجديد تعليق الفعل بالمجرور الثاني للإيماء إلى التفاوت بين السكينتين : فسكينة الرسول - عليه الصلاة والسلام - سكينة اطمئنان على المسلمين الذين معه وثقة بالنصر ، وسكينة المؤمنين سكينة ثبات وشجاعة بعد الجزع والخوف .

والجنود جمع جند . والجند اسم جمع لا واحد له من لفظه ، وهو الجماعة المهيئة للحرب ، وواحده بياء النسب : جندي ، وقد تقدم عند قوله - تعالى : فلما فصل طالوت بالجنود في سورة البقرة . وقد يطلق الجند على الأمة العظيمة ذات القوة ، كما في قوله - تعالى : هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود في سورة البروج والمراد بالجنود هنا جماعات من الملائكة موكلون بهزيمة المشركين كما دل عليه فعل أنزل ، أي أرسلها الله لنصرة المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب المشركين ، ولذلك قال لم تروها ولكون الملائكة ملائكة النصر أطلق عليها اسم الجنود .

وتعذيبه الذين كفروا : هو تعذيب القتل والأسر والسبي .

والإشارة بـ وذلك جزاء الكافرين إلى العذاب المأخوذ من عذب

التالي السابق


الخدمات العلمية