الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12565 5693 - (12977) - (3\190) عن أنس بن مالك: أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء، والإبل والنعم، فجعلوهم صفوفا، يكثرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما التقوا، ولى المسلمون مدبرين، كما قال الله - عز وجل - ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عباد الله! أنا عبد الله ورسوله، يا معشر الأنصار! أنا عبد الله ورسوله " ، فهزم الله المشركين - قال عفان: ولم يضرب بسيف " ، ولم

[ ص: 360 ] يطعن برمح - ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: " من قتل كافرا، فله سلبه " ، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا، وأخذ أسلابهم.

قال: وقال أبو قتادة: يا رسول الله! ضربت رجلا على حبل العاتق، وعليه درع، فأجهضت عنه، فانظر من أخذها. فقام رجل، فقال: أنا أخذتها، فأرضه منها، وأعطنيها. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه، أو سكت، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: " والله! لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " صدق عمر " .

قال: وكانت أم سليم معها خنجر، فقال أبو طلحة: ما هذا معك؟ قالت: اتخذته إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه. فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما تقول أم سليم؟! قالت: يا رسول الله! اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك. قال: " إن الله قد كفانا وأحسن يا أم سليم " .


التالي السابق


* قوله : " ولم يضرب بسيف، ولم يطعن برمح " : على بناء المفعول، يحتمل أن المراد: لم يضرب أحد من المسلمين، يريد أنهم رموا بالسهام، وما ضربوا بالسيوف، ولا طعنوا بالرماح، أو المراد: أن الله تعالى هزمهم بلا ضرب بالسيف، ولا طعن بالرمح، والمراد: تقليل القتال من المسلمين.

* " على حبل العاتق " : - بفتح فسكون - : موضع الرداء من العنق، وقيل: عرق أو عصب هناك.

* " فأجهضت عنه " : على بناء المفعول، من الإجهاض، بمعنى الإزالة والإزلاق; أي: بعدت عنه.

* " فأرضه " : من الإرضاء، يريد: أن يصالح منها بشيء آخر.

* " لا والله لا " : كلمة " لا " مكررة تأكيدا لنفي ما طلب ذلك الرجل، أو الأولى لتأكيد القسم، والثانية لنفي ما طلب.

[ ص: 361 ] " يفيئها الله " : من أفاء; أي: يردها.

" من أسد " : - بفتح فسكون - .

* " صدق عمر " : المشهور في هذا الحديث: أن أبا بكر قال مثل ذلك، اتفاق الشيخين على ذلك; فإنه غير مستبعد.

" من بعدنا " : أي: من وراءنا.

* " من الطلقاء " : - بضم ففتح، ممدود - : هم أهل مكة الذين تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة.

* * *




الخدمات العلمية