الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تعجبك أموالهم سبق تفسيره[التوبة: 55] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإذا أنزلت سورة هذا عام في كل سورة . وقال مقاتل: المراد بها سورة (براءة) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 482 ] قوله تعالى: أن آمنوا أي: بأن آمنوا . وفيه ثلاثة أوجه .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: استديموا الإيمان . والثاني: افعلوا فعل من آمن .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم ، فعلى هذا يكون الخطاب للمنافقين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: استأذنك أي: في التخلف (أولو الطول) يعني الغني ، وهم الذين لا عذر لهم في التخلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "الخوالف" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم النساء ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وشمر بن عطية ، وابن زيد ، والفراء . وقال أبو عبيدة: يجوز أن تكون الخوالف هاهنا النساء ، ولا يكادون يجمعون الرجال على تقدير فواعل ، غير أنهم قد قالوا: فارس ، والجميع: فوارس ، وهالك [في قوم] هوالك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الأنباري: الخوالف لا يقع إلا على النساء ، إذ العرب تجمع فاعلة: فواعل; فيقولون: ضاربة ، وضوارب ، وشاتمة ، وشواتم; ولا يجمعون فاعلا: فواعل ، إلا في حرفين: فوارس ، وهوالك; فيجوز أن يكون مع الخوالف: المتخلفات في المنازل . ويجوز أن يكون: مع المخالفات العاصيات . ويجوز أن يكون: مع النساء العجزة اللاتي لا مدافعة عندهن .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول الثاني: أن الخوالف: خساس الناس وأدنياؤهم; يقال: فلان خالفة أهله: إذا كان دونهم ، ذكره ابن قتيبة; فأما "طبع" فقال أبو عبيدة: معناه: ختم . و"الخيرات" جمع خيرة . وللمفسرين في المراد بالخيرات ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنها الفاضلات من كل شيء ، قاله أبو عبيدة . والثاني: الجواري الفاضلات ، قاله المبرد . والثالث: غنائم الدنيا ومنافع الجهاد ، ذكره الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية