الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال كل منهما ) والمبيع في يد المدعى عليه ( بعتكه بكذا ) ، وهو ملكي ، وإلا لم تسمع الدعوى فأنكر ( وأقاماهما ) أي : البينتين بما قالاه وطالباه بالثمن ( فإن اتحد تاريخهما تعارضتا ) وتساقطتا ؛ لامتناع كونه ملكا في وقت واحد لكل وحده فيحلف لكل كما لو لم يكن لواحد منهما بينة ، وإن كان لأحدهما بينة قضى له وحلف للآخر ( وإن اختلف ) تاريخهما ( لزمه الثمنان ) لإمكان دعواهما ومن ثم اشترط اتساع الزمن للعقد الأول [ ص: 341 ] ثم الانتقال للبائع الثاني ثم للعقد الثاني ، وإلا حلف لكل ( ، وكذا ) يلزمه الثمنان ( إن أطلقتا أو ) أطلقت ( إحداهما ) وأرخت الأخرى ( في الأصح ) ؛ لاحتمال اختلاف الزمن وحيث أمكن الاستعمال فلا إسقاط وفارقت هذه ما قبلها بأن العين تضيق عن حقهما معا فتعارضتا ، والقصد هنا الثمنان والذمة لا تضيق عنهما فوجبا وشهادة البينتين على إقراره كهي على البيعين فيما ذكر وفي الأنوار عن فتاوى القفال لو شهدا أنه باع عاقلا وآخران أنه مجنون ذلك اليوم عمل بالأولى أو أنه باع مجنونا قدما وفي فتاوى القاضي نحوه

                                                                                                                              وهو لو قالت بينة : أقر بكذا يوم كذا فقالت أخرى : كان مجنونا في ذلك الوقت قدمت ؛ لأن معها زيادة علم وقيده البغوي بمن لم يعرف له أنه يجن وقتا ويفيق وقتا ، وإلا تعارضتا ، ولو أقام بينة بأن هذه الدار التي بيدك وقفها أبي علي ، وهو مالك حائز يومئذ فأقام ذو اليد بينة بأنها ملكه قدم ما لم تقم بينة أخرى بأنه غصبها من الواقف ؛ لأنه ذو اليد حينئذ ، ولو ظهر في موقوف محكوم بصحته بعد ثبوت ملك الواقف وحيازته مكتوب محكوم بصحته يشهد بالملك والحيازة لآخر قبل صدور الوقف لم يبطل الوقف بمجرد ذلك كما أفتى به شيخنا قال : لأنه يجوز بتقدير صحته أن يكون الملك انتقل من صاحبه إلى الواقف لا سيما واليد للواقف أو من قام مقامه كما هو ظاهر السؤال ا هـ . ولا يعارضه ما مر قبيل قوله : وأنها لو شهدت بملكه أمس لتحقق أن اليد عادية ثم فلم ينظر ؛ لاحتمال الانتقال بخلافه هنا ، ولو شهدت بينة على منكر الشراء له بثمن جزاف قبلا إن قالا حلال لا إن جذفا ؛ لأن الجزاف حلال وحرام ، ولو أقام بينة بأن هذه التي بيدك ملكي فأخذها فأقام آخر أخرى بأنه اشتراها ممن كانت بيده ، وهي ملكه حينئذ حكم بها لهذا لزيادة علم بينته وتقدم بينة قالت : ملك أبيه وقد ورثه على بينة قالت : ملك أبي خصمه وهو وارثه لجواز كونه وارثا ولا يرث المدعي لدين مستغرق ، فليس فيه تصريح بملكه بخلافه في وقد ورثه . ( تنبيه )

                                                                                                                              الأولى ، بل المتعين أن يقال : بدل لدين مستغرق لنحو إقراره به لآخر بعد موت أبيه ، وذلك لما هو معلوم أن الدين لا يمنع الإرث ، وقد يقال في أصل التعليل : لأن هذا ليس فيه التنصيص على تلقي ملك هذا عن الأب ؛ لأنه لم يشهد بإرث شيء خاص بخلاف وقد ورثه فإنه نص على أنه متلق ملكه من أبيه فلا احتمال فيه بخلاف ذاك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وهو ملكي ) انظر ، وهو في يدي هل يكفي كما قد يدل عليه ما في التنبيه المذكور ؟ [ ص: 341 ] قوله : وفي فتاوى القاضي نحوه ) وهو لو قالت بينة : أقر بكذا فقالت : أخرى كان مجنونا في ذلك الوقت إلخ في الروض وشرحه أوائل الجراح ما نصه : وإن قامت بينتان بجنونه وعقله " أي : قامت إحداهما بجنون القاتل عند قتله ، والأخرى بعقله عنده تعارضتا ا هـ . وقياس ما ذكر عن القفال تقديم الأولى .

                                                                                                                              ( قوله : : في ذلك الوقت ) إن أريد وقت الإقرار كان نحو ما مر عن القفال كما قال : لكن لا يحتاج لتقييد البغوي المذكور وإن أريد بالوقت يوم الإقرار فليس نحو ما مر عن القفال ، بل الموافق له حينئذ تقديم الأولى فليتأمل . ( قوله : وإلا تعارضتا ) أي : ولا ينافي التعارض كان مجنونا في ذلك الوقت ؛ لأنه ليس صريحا في استغراق الجنون لذلك الوقت . ( قوله : لتحقق أن اليد عادية إلخ ) من أين تحقق ذلك ثم لا هنا ؟ فإن قيل : بمقتضى شهادة المعارضة قلنا : بتقدير إفادتها [ ص: 342 ] التحقق هي موجودة في المسألتين لكن فرق بينهما فإن البينتين استندتا إلى الانتقال من شخص واحد هناك لا هنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو قال كل منهما ) أي من المتداعيين لثالث بعتكه . إلخ وهذه عكس التي قبلها مغني ( قوله : والمبيع ) إلى قوله : وحيث أمكن في المغني إلا قوله : كما لو لم يكن إلى المتن وإلى قوله : ولو أقام بينة بأن هذه الدار في النهاية ( قوله : وهو ملكي ) انظر هل يكفي وهو في يدي كما قد يدل عليه ما في التنبيه المار آنفا .

                                                                                                                              [ ص: 341 ] سم أقول الظاهر الفرق بين المطالبة بالعين فيكفي فيها ذكر اليد والمطالبة بالثمن فلا بد فيها من ذكر الملك أو ما يقوم مقامه كما هو قضية اقتصارهم عليه هنا ( قوله : ثم الانتقال ) أي من المشتري ( قوله : وإلا . إلخ ) أي بأن ذكر الشهود زمنا لا يتأتى فيه ذلك فلا يلزمه الثمنان للتعارض وحلف . إلخ نهاية ومغني ( قوله : وحيث أمكن الاستعمال ) أي للبينتين ( قوله : وفارقت هذه ) هي قول المصنف : ولو قال كل منهما . إلخ وقوله : ما قبلها هو قوله : ولو ادعيا . إلخ ( قوله : بأن العين . إلخ ) أي هناك ( قوله : على إقراره ) أي الثالث المدعى عليه ( قوله : كهي على البيعين . إلخ ) أي فيلزمه الثمنان إلا إن اتحد تاريخ الإقرارين أو لم يمض ما يمكن فيه الانتقال فلا يلزمانه للتعارض أسنى ( قوله : قدما ) أي الآخران ( قوله : وفي فتاوى القاضي . إلخ )

                                                                                                                              وفي الروض مع شرحه وإن قامت بينة بجنون القاتل عند قتله والأخرى بعقله عنده تعارضتا انتهى وقياس ما ذكر عن القفال تقديم الأولى سم ( قوله : نحوه ) أي نحو ما في فتاوى القفال أخيرا ( قوله : في ذلك الوقت ) إن أريد وقت الإقرار كان نحو ما مر عن القفال كما قال لكن لا يحتاج لتقييد البغوي المذكور وإن أريد بالوقت يوم الإقرار فليس نحو ما مر عن القفال بل الموافق له حينئذ تقديم الأولى فليتأمل سم على حج . ا هـ . رشيدي وقوله : بل الموافق له حينئذ تقديم الأولى أقول وقد يفرق بأن البينة الأولى في مسألة القفال قيدت بالعقل دون مسألة القاضي ( قوله : وقيده ) أي ما في فتاوى القاضي ( قوله : وإلا تعارضتا ) أي ولا ينافي التعارض كان مجنونا في ذلك الوقت ؛ لأنه ليس صريحا في استغراق الجنون ذلك الوقت سم ولعله مبني على أن يراد بالوقت يوم الإقرار وأما إذا أريد به وقت الإقرار فالمنافاة ظاهرة كما مر ( قوله : بأنه غصبها . إلخ ) أي أو ترتب يده على بيع صدر من أهل الوقف أو بعضهم كما مر في شرح : وأنه لو كان لصاحب متأخرة التاريخ . إلخ ( قوله : من الواقف ) أي أو ممن قام مقامه كما يأتي ( قوله لأنه ) أي الواقف ( قوله : حينئذ ) أي حين ثبوت الغصب منه ( قوله : بتقدير صحته ) أي ذلك المكتوب أو الحكم ( قوله : لتحقق أن اليد عادية . إلخ ) من أين تحقق ذلك ، ثم لا هنا ، فإن قيل بمقتضى شهادة المعارضة قلنا بتقدير إفادتها التحقق هي موجودة في المسألتين لكن فرق بينهما فإن البينتين أسندتا إلى الانتقال من شخص واحد هناك لا هنا سم وأيضا قد حكم بالصحة هنا لا هناك ( قوله : له ) أي للمبيع ( قوله : قبلا ) أي الشاهدان ( قوله : أبي خصمه ) بالإضافة ( قوله : ولا يرث المدعي ) أي به ( قوله : بخلافه في : وقد ورثه ) الأوضح الأخصر : بخلاف وقد ورثه ( قوله : لنحو إقراره . إلخ ) نائب فاعل أن يقال ( قوله لما هو معلوم . إلخ ) تعليل لتعيين ما قاله ( قوله : لأن هذا ) أي وهو وارثه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية