الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1478 ) مسألة ; قال : ( ثم يخطب ، ويستقبل القبلة ) اختلفت الرواية في الخطبة للاستسقاء ، وفي وقتها ، والمشهور أن فيها خطبة بعد الصلاة . قال أبو بكر : اتفقوا عن أبي عبد الله أن في صلاة الاستسقاء خطبة ، وصعودا على المنبر . والصحيح أنها بعد الصلاة .

                                                                                                                                            وبهذا قال مالك ، [ ص: 150 ] والشافعي ، ومحمد بن الحسن . قال ابن عبد البر : وعليه جماعة الفقهاء ; لقول أبي هريرة : صلى ركعتين ، ثم خطبنا . ولقول ابن عباس : صنع في الاستسقاء ، كما صنع في العيدين . ولأنها صلاة ذات تكبير ، فأشبهت صلاة العيد . والرواية الثانية ، أنه يخطب قبل الصلاة . روي ذلك عن عمر ، وابن الزبير ، وأبان بن عثمان ، وهشام بن إسماعيل ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم .

                                                                                                                                            وذهب إليه الليث بن سعد وابن المنذر ; لما روى أنس وعائشة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وصلى } . وعن عبد الله بن زيد ، قال { : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي ، فحول ظهره إلى الناس ، واستقبل القبلة يدعو ، ثم حول رداءه ، ثم صلى ركعتين ، جهر فيهما بالقراءة . } متفق عليه .

                                                                                                                                            وروى الأثرم ، بإسناده عن أبي الأسود ، قال : أدركت أبان بن عثمان ، وهشام بن إسماعيل ، وعمر بن عبد العزيز وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، كانوا إذا أرادوا أن يستسقوا ، خرجوا للبراز ، فكانوا يخطبون ، ثم يدعون الله ، ويحولون وجوههم إلى القبلة حين يدعون ، ثم يحول أحدهم رداءه من الجانب الأيمن على الأيسر ، وما على الأيسر على الأيمن ، وينزل أحدهم فيقرأ في الركعتين ، يجهر بهم .

                                                                                                                                            الرواية الثالثة ، هو مخير في الخطبة قبل الصلاة وبعدها ; لورود الأخبار بكلا الأمرين ، ودلالتها على كلتا الصفتين ، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين . والرابعة ، أنه لا يخطب ، وإنما يدعو ويتضرع ; لقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه ، لكن لم يزل في الدعاء والتضرع . وأيا ما فعل من ذلك فهو جائز ; لأن الخطبة غير واجبة ، على الروايات كلها ، فإن شاء فعلها ، وإن شاء تركها .

                                                                                                                                            والأولى أن يخطب بعد الصلاة خطبة واحدة ; لتكون كالعيد ، وليكونوا قد فرغوا من الصلاة إن أجيب دعاؤهم فأغيثوا ، فلا يحتاجون إلى الصلاة في المطر . وقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه . نفي للصفة لا لأصل الخطبة ، أي لم يخطب كخطبتكم هذه ، إنما كان جل خطبته الدعاء والتضرع والتكبير

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية