الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      ( فرع ) هذا الذي قدمناه هو فيما إذا انقطع الدم يوما وليلة دما ومثله نقاء ، أما إذا انقطع نصف يوم دما ونصفه نقاء وجاوز خمسة عشر فإن كانت مميزة ردت إلى التمييز فإن كانت ترى نصف يوم دما أسود ونصفه نقاء ثم الثاني والثالث والرابع والخامس كذلك ثم ترى نصف السادس دما أحمر ونصفه نقاء ثم كذلك السابع وما بعده وجاوز الخمسة عشر كانت أنصاف السواد حيضا وفيما بينهما من النقاء القولان ، وما بعد ذلك الحمرة والنقاء طهر وهذا تفريع على المذهب ، أنه لا يشترط في الأول ولا في غيره أن يتصل الدم يوما وليلة ، وإن كانت معتادة غير مميزة ردت إلى العادة فإن كانت عادتها خمسة أيام فرأت نصف يوم دما ، ونصفه نقاء ثم هكذا حتى جاوز خمسة عشر فإن سحبنا فحيضها أربعة أيام ونصف من الأول ، وإن لقطنا من العادة فحيضها يومان ونصف وهي أنصاف الدم في الخمسة ، وإن لقطنا من الإمكان فحيضها خمسة أيام من العشرة الأولى وهي أنصاف الدم وإن كانت مبتدأة غير مميزة .

                                      قال أصحابنا : إن قلنا : ترد إلى ست أو سبع فهي كمن عادته ست أو سبع ، وإن قلنا : ترد إلى يوم وليلة فإن سحبنا أو لقطنا من العادة فلا حيض لها لأنه لا يحصل لها أقل الحيض ، فإن لقطنا من الإمكان لقطنا لها يوما وليلة فإن كانت ترى نصف يوم دما ونصفه الآخر مع الليلة نقاء لفقنا اليوم والليلة من أربعة أيام ، وإن كانت ترى نصف يوم وليلة دما ونصفها نقاء لفقنا من يومين . هكذا قطع به جماهير الأصحاب وحكى صاحب الحاوي على قول السحب وجهين : ( أحدهما ) : لا حيض لها كما قاله الجمهور .

                                      ( والثاني ) وهو قول أبي العباس بن سريج نحيضها يوما وليلة وإن لم تر الدم في جميعه ، وهذا غريب ضعيف ، والله أعلم .

                                      [ ص: 529 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 529 ] ( فرع ) إذا رأت ثلاثة أيام دما ثم اثني عشر نقاء ثم ثلاثة دما ثم انقطع فالثلاثة الأولى حيض لأنه في زمان الإمكان ، والثلاثة الأخيرة دم فساد ولا يجوز أن تجعل حيضا مع الثلاثة الأولى وما بينهما لمجاوزته خمسة عشر يوما ، ولا يجوز أن تجعل حيضا ثانيا لأنه لم يتقدمه أقل طهر ، وهكذا لو رأت يوما وليلة دما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو غير ذلك ثم رأت النقاء تمام خمسة عشر ، ثم رأت يوما وليلة فأكثر دما فالأول حيض والآخر دم فساد ولا خلاف في شيء من هذا ، ولو رأت دما دون يوم وليلة ثم رأت النقاء تمام خمسة عشر ثم رأت الدم يوما وليلة أو ثلاثة أيام أو خمسة أو نحو ذلك : فالأول دم فساد ، والثاني : حيض لوقوعه في زمن الإمكان ، ولا يضم الأول إليه لمجاوزة الخمسة عشر ولا يستقل بنفسه ولو رأت نصف يوم دما ثم تمام خمسة عشر نقاء ثم نصف يوم دما فالدمان جميعا دم فساد ولا حيض لها بلا خلاف ، لأن كل دم لا يستقل ولا يمكن ضمه إلى الآخر لمجاوزة خمسة عشر . ولو رأت المبتدأة يوما بلا ليلة دما ثم ثلاثة عشر نقاء ثم ثلاثة أيام دما ، فقد رأت في الخمسة عشر يومين دما ، في أولها يوما ، وفي آخرها يوما ، فإن قلنا : لا تلفق فحيضها الدم الثاني وأما الأول فدم فساد ، وإن لفقنا من العادة فحيضها أيضا الثاني ، وأما الأول فدم فساد لأن المبتدأة ترد إلى يوم وليلة أو ست أو سبع وليس في هذا الزمان ما يمكن جعله حيضا وإن لفقنا في مدة الإمكان وهي الخمسة عشر فإن قلنا : المبتدأة ترد إلى يوم وليلة حيضناها اليوم الأول ومن الخامس عشر مقدار ليلة فيتم لها يوم وليلة وإن قلنا : ترد إلى ست أو سبع فحيضها الأول من الخامس عشر بليلته لأنه الممكن ويكون الدم بعد الخمسة عشر دم فساد .

                                      ( فرع ) إذا كانت عادتها أن تحيض في الشهر عشرة أيام من أوله فرأت في شهر يومين دما ثم ستة نقاء ثم يومين دما وانقطع واستمر الطهر فإن سحبنا فالعشرة حيض ، وإن لفقنا فحيضها أربعة أيام وهي أيام الدم . ولو كان عادتها خمسة فرأت ثلاثة دما ثم أربعة نقاء ثم ثلاثة دما فإن سحبنا فالعشرة حيض وإن لفقنا فحيضها ستة الدم ، ولو كان عادتها خمسة من [ ص: 530 ] أول الشهر فرأت في أوله أربعة دما ثم خمسة نقاء ثم العاشر دما فإن سحبنا فالعشرة حيض ، وإن لفقنا فحيضها خمسة الدم . ولو رأت يوما وليلة دما وسبعة نقاء ويومين دما فإن سحبنا فالعشرة حيض وإلا فثلاثة الدم ، وسواء في هذا كله لفقنا من العادة أو من الإمكان وإنما الخلاف فيما إذا جاوز التقطع الخمسة عشر ، وهذا وإن كان ظاهرا فلا يضر التنبيه عليه لبعض المبتدئين ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) ذكر المحاملي وصاحب الشامل وآخرون ونقلوه عن ابن سريج قالوا : لو كان عادتها خمسة أيام من الشهر وباقيه طهر فرأت في شهر اليوم الأول نقاء والثاني دما والثالث نقاء والرابع دما ثم لم تزل هكذا حتى رأت السادس عشر دما وانقطع ، فإن قلنا : لا تلفق فحيضها خمسة عشر أولها الثاني وآخرها السادس عشر وإن لفقنا ، فحيضها ثمانية الدم . هذا إذا وقف على السادس عشر فإن جاوزه فقد صارت مستحاضة على المذهب خلافا لابن بنت الشافعي .

                                      فإن لفقنا من العادة فحيضها يومان الثاني والرابع إذ ليس في أيام العادة دم سواهما ، وإن لفقنا من مدة الإمكان فحيضها الثاني والرابع والسادس والثامن والعاشر ، وإن سحبنا فهل الاعتبار بعدد العادة أم بزمنها ، فيه وجهان ، ذكرهما ابن سريج والأصحاب .

                                      ( أحدهما ) : الاعتبار بزمانها فيكون حيضها الثاني والثالث والرابع ولا يمكن ضم الأول والخامس إليها لأنهما نقاء ليس بين دمي حيض .

                                      ( والثاني ) الاعتبار بعددها ولا تبالي بمجاوزة الزمان ، فيكون حيضها خمسة ، وهي الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس ; فحصل في حيضها ثلاثة أوجه : ( أحدها ) يومان ، ( والثاني ) ثلاثة ، ( والثالث خمسة ) وفي زمنه أربعة أوجه ، ( أحدها ) أنه الثاني والرابع ، ( والوجه الثاني ) أنه الثاني والثالث والرابع ، ( والوجه الثالث ) أنه الثاني والرابع والسادس والثامن والعاشر ( والوجه الرابع ) أنه الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس .

                                      قال ابن سريج : فلو كانت المسألة بحالها فحاضت قبل عادتها بيوم ورأت النقاء في اليوم الأول من الشهر والدم في اليوم الثاني والنقاء في الثالث والدم في الرابع وهكذا حتى جاوز خمسة عشر ، فإن لفقنا من العادة فحيضها يوم الثاني والرابع فقط ; إذ ليس في زمن العادة دم سواها ، وإن لفقنا من [ ص: 531 ] الإمكان قال ابن سريج : احتمل وجهين ، أحدهما : أن يكون أول الحيض اليوم الذي سبق العادة ، والوجه الثاني : أن يكون أوله اليوم الثاني من الشهر . قال : والأول أظهر لأنه دم في زمن الإمكان ، فعلى هذا يلفق لها خمسة ، وهي أيام الدماء آخرها الثامن ، وإن قلنا : بالوجه الثاني لفقنا لها خمسة آخرها العاشر ، وإن سحبنا بني على الوجهين ، فإن قلنا : الاعتبار بزمن العادة حيضناها ثلاثة أيام ، وهي الثاني والثالث والرابع ، وإن قلنا : الاعتبار بعدد أيام العادة حيضها خمسة ، أولها الذي بدأ فيه الدم وآخرها الرابع فحصل في قدر حيضها ثلاثة أوجه : ( أحدها ) : يومان ، ( والثاني ) : ثلاثة ، ( والثالث ) : خمسة ، وفي زمنه خمسة أوجه : ( أحدها ) : يومان الثاني والرابع ، ( والوجه الثاني ) : ثلاثة أيام الثاني والثالث والرابع .

                                      ( والوجه الثالث ) : خمسة أيام الدماء ، ولها الذي سبق عادتها وآخرها الثامن .

                                      ( والوجه الرابع ) : خمسة أيام أولها الثاني وآخرها العاشر .

                                      ( والوجه الخامس ) : خمسة أيام متوالية أولها الدم الذي تقدم له وآخرها الرابع ، وهذه المسألة في نهاية من الحسن ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) إذا انتقلت عادتها بتقدم أو تأخر ثم استحيضت وتقطع دمها ففيها الخلاف السابق بين أبي إسحاق والأصحاب في مراعاة الأولية كما ذكرناه في حال إطباق الدم ، ويعود الخلاف في ثبوت العادة بمرة ، مثال التقدم : كان عادتها خمسة من ثلاثين ، فرأت في بعض الأدوار يوم الثلاثين دما واليوم الذي بعده نقاء وتقطع دمها هكذا وجاوز خمسة عشر . قال أبو إسحاق : حيضها أيامها القديمة وما قبلها استحاضة فإن سحبنا فحيضها اليوم الثاني والثالث والرابع وإن لفقنا فالثاني والرابع . وقال الجمهور وهو المذهب : تنتقل العادة بمرة فإن سحبنا فحيضها خمسة متوالية أولها يوم الثلاثين ، وإن لفقنا من العادة فحيضها يوم الثلاثين والثاني والرابع ، وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها السادس والثامن ، مثال التأخر : أن ترى في بعض الأدوار اليوم الأول نقاء والثاني دما والثالث نقاء والرابع دما ، واستمر هكذا متقطعا ، فعند أبي إسحاق الحكم كما سبق في صورة التقدم ، وعلى المذهب إن سحبنا فحيضها خمسة متوالية أولها الثاني ، وإن لفقنا من العادة فالثاني والرابع والسادس لأن السادس وإن خرج عن العادة القديمة [ ص: 532 ] فبالتأخر انتقلت عادتها وصار الثاني أولها والسادس ، وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها الثامن والعاشر . وقد صار طهرها السابق على الاستحاضة في هذه الصورة ستة وعشرين ، وفي صورة التقدم أربعة وعشرين . ولو لم يتقدم الدم في المثال المذكور ولا تأخر لكن تقطع هو والنقاء يومين يومين لم يعد خلاف أبي إسحاق ، بل يبنى على القولين ، فإن سحبنا فحيضها خمسة متوالية والسادس كالدماء بعده ، وإن لفقنا من العادة فحيضها الأول والثاني والخامس ، وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إليها السادس والتاسع وحكى الرافعي وجها شاذا أن الخامس لا يجعل حيضا إذا لفقنا من العادة ، ولا التاسع إذا لفقنا من الخمسة عشر ، لأنهما ضعفا باتصالهما بدم الاستحاضة ، وطردوا الوجه في كل نوبة دم يخرج بعضها عن العادة إن اقتصرنا عليها أو عن الخمسة عشر إن اعتبرناها . هذا بيان حيضها ، أما قدر طهرها إلى استئناف حيضة أخرى فينظر إن كان التقطع بحيث ينطبق الدم على أول الدور فهو ابتداء الحيضة الأخرى ، وإن لم ينطبق فابتداؤها أقرب نوب الدماء إلى الدور ، تقدمت أو تأخرت ، فإن استويا في التقدم والتأخر فابتداء حيضها النوبة المتأخرة ، ثم قد يتفق التقدم والتأخر في بعض أدوار الاستحاضة دون بعض . وطريق معرفة ذلك أن تأخذ نوبة دم ونوبة نقاء وتطلب عددا صحيحا يحصل من مضروب مجموع النوبتين فيه مقدار دورها ، فإن وجدته فاعلم انطباق الدم على أول الدور وإلا فاضربه في عدد يكون الحاصل منه أقرب إلى دورها زائدا كان أو ناقصا ، واجعل حيضها الثاني أقرب الدماء إلى الدور ، فإن استوى طرفا الزيادة والنقص فالاعتبار بالزائد . مثاله : عادتها خمسة من ثلاثين وتقطع يوما ويوما ، وجاوز خمسة عشر فنوبة الدم يوم ، ونوبة النقاء مثله ، وتجد عددا إذا ضربت الاثنين فيه يبلغ ثلاثين ، وهو خمسة عشر ، فتعلم انطباق الدم على أول دورها أبدا ما دام التقطع بهذه الصفة ، ولو كانت المسألة بحالها وتقطع يومين يومين فلا تجد عددا يحصل من ضرب أربعة فيه من ثلاثين ، فاطلب ما يقرب الحاصل من الضرب فيه من ثلاثين وهنا عددان سبعة وثمانية ، أحدهما يحصل منه ثمانية وعشرون والآخر اثنان وثلاثون فاستوى طرفا الزيادة والنقص ، فخذ بالزيادة واجعل أول الحيضة الثانية الثالث والثلاثين ، وحينئذ يعود خلاف أبي إسحاق [ ص: 533 ] لتأخر الحيض عن أول الدور فحيضها عنده في الدور الثاني هو اليوم الثالث والرابع فقط على قول السحب والتلفيق جميعا .

                                      وأما على المذهب فإن سحبنا فحيضها خمسة متوالية أولها الثالث ، وإن لفقنا من العادة فحيضها الثالث والرابع والسابع ، وإن لفقنا من الخمسة عشر فحيضها هذه الثلاثة مع الثامن والحادي عشر ، ثم في الدور الثالث ينطبق الدم على أول الدور فلا يبقى خلاف أبي إسحاق ; ويكون الحكم كما ذكرناه في الدور الأول ثم في الدور الرابع يتأخر الدم ويعود الخلاف ، وعلى هذا أبدا . قال الرافعي : ولم نر أحدا يقول : إذا تأخر الدم في الدور الثاني يومين فقد صار أول الأدوار المجاوزة اثنين وثلاثين ، فيجعل هذا القدر دورا لهما تفريعا على ثبوت العادة بمرة ، وحينئذ ينطبق الدم على أول الدور أبدا ، لأنا نجد عددا يحصل من ضرب الأربعة فيه هذا القدر وهو ثمانية . قال : ولو قال قائل بهذا لم يكن به بأس .

                                      فإن قيل : هذا الدور حدث في زمن الاستحاضة فلا عبرة به ، قلنا : لا نسلم فقد أثبتنا عادة المستحاضة مع دوام الاستحاضة ، ألا ترى أن المستحاضة المميزة يثبت لها بالتمييز عادة معمول بها ؟ ولو كانت المسألة بحالها ورأت ثلاثة دما وأربعة نقاء فمجموع النوبتين ، سبعة ، ولا نجد عددا إذا ضربت السبعة فيه بلغ ثلاثين ، فاضربها في أربعة لتبلغ ثمانية وعشرين ، واجعل أول الحيضة الثالثة التاسع والعشرين ولا تضربها في خمسة فإنه يبلغ خمسة وثلاثين وهي أبعد من الدور ، ثم إذا صار أول الحيضة التاسع والعشرين فقد تقدم الحيض أول الدور ، فعلى قياس أبي إسحاق ما قبل الدور استحاضة ، وحيضها اليوم الأول على قول التلفيق والسحب ; وقياس المذهب لا يخفى . ولو كانت عادتها ستة من ثلاثين وتقطع دمها ستة ستة وجاوز ، ففي الدور الأول حيضها الستة الأولى بلا خلاف ، وأما الدور الثاني فإنها ترى ستة من أوله نقاء وهي أيام عادتها ، فعند أبي إسحاق لا حيض لها في هذا الدور أصلا ، وعلى المذهب وجهان حكاهما إمام الحرمين وغيره : ( أصحهما ) : حيضها الستة الثانية على قولي السحب والتلفيق جميعا ، ( والثاني ) : حيضها الستة الأخيرة من الدور الأول ، لأن الحيضة إذا فارقت محلها فقد يتقدم وقد يتأخر ، والستة الأخيرة صادفت زمن الإمكان لأنه [ ص: 534 ] مضى قبلها طهر كامل ، فوجب جعلها حيضا ; ويجيء هذا الوجه حيث خلت جميع أيام العادة عن الدم . هذا كله إذا لم ينقص الدم الموجود في زمن العادة عن أقل الحيض ، فلو نقص بأن كانت عادتها يوما وليلة فرأت في بعض الأدوار يوما دما وليلة نقاء واستحيضت فثلاثة أوجه على قول السحب : ( أصحها ) وبه قال أبو إسحاق المروزي : لا حيض لها في هذه الصورة .

                                      ( والثاني ) : تعود إلى قول التلفيق ، وبه قال أبو بكر المحمودي ، ( والثالث ) : حيضها الأول والثاني والليلة بينهما ، وبه قال الشيخ أبو محمد : وأما على قول التلفيق فإن لفقنا من الخمسة عشر حيضناها الأول والثاني وجعلنا الليلة بينهما طهرا ، وإن لفقنا من العادة فوجهان حكاهما الإمام الغزالي في البسيط الأصح قول أبي إسحاق : لا حيض لها ، وبه قطع الرافعي . والثاني : ترجع إلى الوجه الآخر وهو التلفيق من الخمسة عشر ، وادعى الغزالي في الوسيط أنه لا طريق غيره وليس كما قال . هذا كله فيمن كان لها قبل الاستحاضة عادة غير متقطعة ، أما من كانت لها عادة متقطعة ثم استحيضت مع التقطع فينظر إن كان التقطع بعد الاستحاضة كالتقطع قبلها فمردها قدر حيضها على اختلاف القولين ، مثاله : كانت ترى ثلاثة دما وأربعة نقاء ثم ثلاثة دما وتطهر عشرين ثم استحيضت والتقطع على هذه الصفة فإن سحبنا كان حيضها قبل الاستحاضة عشرة وكذا بعدها ، وإن لفقنا كان حيضها ستة يتوسط بين نصفيهما أربعة وكذا الآن ، وإن اختلف التقطع بأن تقطع في المثال المذكور يوما يوما ثم استحيضت فإن سحبنا فحيضها الآن تسعة أيام لأنها جملة الدماء الموجودة في زمن العادة مع النقاء المتخلل ، وإن لفقنا من العادة فحيضها الأول والثالث والتاسع ، إذ ليس لها في أيام حيضها القديم على هذا القول دم لها في هذه الثلاثة وإن لفقنا من الخمسة عشر ضممنا إلى هذه الثلاثة الخامس والسابع والحادي عشر تكميلا لقدر حيضها والله أعلم .

                                      ( فرع ) قوله في التنبيه ( وإن رأت يوما طهرا ويوما دما ففيه قولان ) ينكر عليه في ثلاثة أشياء أحدها : تسميته طهرا مع أنه حيض في [ ص: 535 ] الأصح ، والثاني : تقديم الطهر في اللفظ ، فإن الابتداء إنما هو من الدم بلا خلاف ، والثالث إهماله بيان صورة المسألة ، وهي مصورة فيمن تقطع دمها ولم يجاوز خمسة عشر ، فإن جاوز فهي مستحاضة كما سبق




                                      الخدمات العلمية