الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون )

لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، ولا حظ لمخلوق في علم الغيب ، وقرأ نافع وحفص : ( يرجع ) مبنيا للمفعول ، ( الأمر كله ) أمرهم وأمرك ، فينتقم لك منهم ، وقال أبو علي الفارسي : علم ما غاب في السماوات والأرض ، أضاف الغيب إليهما توسعا ، انتهى . والجملة الأولى دلت على أن علمه محيط بجميع الكائنات كليها وجزئيها حاضرها وغائبها ؛ لأنه إذا أحاط علمه بما غاب فهو بما حضر محيط ، إذ علمه تعالى لا يتفاوت .

والجملة الثانية دلت على القدرة النافذة والمشيئة .

والجملة الثالثة دلت على الأمر بإفراد من هذه صفاته بالعبادة الجسدية والقلبية ، والعبادة أولى الرتب التي يتحلى بها العبد .

والجملة الرابعة دلت على الأمر بالتوكل ، وهي آخرة الرتب ؛ لأنه بنور العبادة أبصر أن جميع الكائنات معذوقة بالله تعالى ، وأنه هو المتصرف وحده في جميعها ، لا يشركه في شيء منها أحد من خلقه ، فوكل نفسه إليه تعالى ، ورفض سائر ما يتوهم أنه سبب في شيء منها .

والجملة الخامسة : تضمنت التنبيه على المجازاة ، فلا يضيع طاعة مطيع ولا يهمل حال متمرد ، وقرأ الصاحبان و حفص وقتادة والأعرج وشيبة وأبو جعفر والجحدري : ( تعملون ) بتاء الخطاب ؛ لأن قبله ( اعملوا على مكانتكم ) ، وقرأ باقي السبعة : بالياء على الغيبة ، واختلف عن الحسن وعيسى بن عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية