الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1253 [ 632 ] وعن أبي سعيد الخدري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أوتروا قبل أن تصبحوا .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 37)، ومسلم (754) (160)، والترمذي (468)، والنسائي (3 \ 231) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : أوتروا قبل أن تصبحوا ، وقوله : إذا خشي أحدكم الصبح [ ص: 382 ] صلى ركعة : دليل على أن آخر وقت الوتر طلوع الفجر ، وقد زاد هذا المعنى وضوحا ما خرجه أبو داود عن ابن عمر مرفوعا : إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ، فأوتروا قبل طلوع الفجر ; تفرد به سليمان بن موسى الأشدق ، وهو ثقة إمام . ولا خلاف في أن أول وقته بعد صلاة العشاء ، وأما آخر وقته المختار فمذهب الجمهور أنه طلوع الفجر . وقال ابن مسعود : إلى صلاة الصبح . وهل له بعد ذلك وقت ضرورة ؟ فقال مالك والشافعي : وقت ضرورته بعد طلوع الفجر ما لم يصل الصبح ، وقال أبو مصعب : لا وقت ضرورة له ، فلا يصلى بعد طلوع الفجر . وقاله الكوفيون . وقد روي عن مالك ، وقال أبو حنيفة : يقضى بعد صلاة الصبح ، وقاله طاوس . وقال الأوزاعي وأبو ثور والحسن والليث وغيرهم : يقضى بعد طلوع الشمس ، وحكي عن سعيد بن جبير : أنه يوتر من القابلة . قلت : وقد روى أبو داود عن أبي سعيد مرفوعا : من نام عن وتره ، أو نسيه فليصله إذا ذكره ، وهذا الظاهر يقتضي أنه يقضى دائما كالفرض . ولم أر قائلا به ، والله أعلم .

                                                                                              ثم إن القائلين : بأن أقل الوتر ثلاث اختلفوا ، هل يفصل بينهما بسلام أم لا ؟ فالأول : مشهور مذهب مالك والشافعي ، والثاني : مذهب أبي حنيفة . وقال ابن نافع : إذا صلى شفعا قبل وتره فلا يسلم منه ، ولا يفصل بينهما ، وليأت به متصلا كصلاة المغرب ، وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز ، وذكر : أنه مذهب [ ص: 383 ] الفقهاء السبعة ، ومذهب أهل المدينة . وقال الأوزاعي : إن وصل حسن ، وإن فصل حسن ، ثم المستحب عند الشافعي وأصحابه ، وعند مالك ، وجل أصحابه : أن يقرأ في الوتر بـ قل هو الله أحد والمعوذتين . وقيل عن مالك : بـ قل هو الله أحد فقط ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وأصحاب الرأي ، وعليه أكثر أهل العلم . واختار أبو مصعب : أن يقرأ في كل ركعة من الشفع والوتر بـ قل هو الله أحد . واختارت طائفة من أهل العلم : أن يقرأ في الشفع بـ سبح اسم ربك الأعلى و قل يا أيها الكافرون وفي الوتر بـ قل هو الله أحد والمعوذتين ، أخذا بما خرجه النسائي والترمذي من فعله - صلى الله عليه وسلم - لذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية