الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولا قضاء إن شرع فيها فأفطر ) أي إن شرع في صوم الأيام المنهية ثم أفسده فلا قضاء عليه وعن أبي يوسف ومحمد في النوادر أن عليه القضاء ; لأن الشروع ملزم كالنذر وصار كالشروع في الطلاق في الوقت المكروه والفرق لأبي حنيفة وهو ظاهر الرواية أن بنفس الشروع في الصوم يسمى صائما حتى يحنث به الحالف على الصوم فيصير مرتكبا للنهي فيجب إبطاله ولا تجب صيانته ووجوب القضاء يبتنى عليه ولا يصير مرتكبا للنهي بنفس النذر وهو الموجب ولا بنفس الشروع في الصلاة حتى يتم ركعة ولهذا لا يحنث به الحالف على الصلاة فيجب صيانة المؤدى فيكون مضمونا بالقضاء وعن أبي حنيفة أنه لا يجب القضاء في فصل الصلاة أيضا والأظهر هو الأول كذا في الهداية وتعقب في فتح القدير والتحرير بأنه يقتضي أنه لو قطع بعد السجدة لا يجب قضاؤها والجواب مطلق في الوجوب وحينئذ فالوجه أن لا يصح الشروع لانتفاء فائدته من الأداء والقضاء ولا مخلص إلا بجعل الكراهة تنزيهية . ا هـ .

                                                                                        ولنا مخلص مع جعلها تحريمية كما هو المذهب بأن يقال لما شرع في الصلاة لم يكن مرتكبا للمنهي عنه فوجب عليه المضي وحرم القطع بقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } فلما قيدها بسجدة حرم عليه المضي فتعارض محرمان ومع أحدهما وجوب فتقدم حرمة القطع والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .

                                                                                        [ ص: 321 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 321 ] ( قوله : فتقدم حرمة القطع ) قال في النهر هذا يقتضي حرمة القطع بعد التقييد بالسجدة وليس كذلك ا هـ .

                                                                                        وقال الرملي قوله فتعارض محرمان إلخ قدم الشارح في شرحه قوله ومنع عن الصلاة إلخ أنه يجب قطعه وقضاؤه في غير مكروه في ظاهر الرواية ولو أتمه خرج عن عهدة ما لزمه بذلك الشروع وفي المبسوط القطع أفضل والأول هو مقتضى الدليل فقوله هنا ومع أحدهما وجوب فتقدم حرمة القطع يعني ارتكابا فيجب القطع كما هو ظاهر الرواية هذا ولقائل أن يقول في كل منهما وجوب فكما يجب الإتمام يجب القطع وكما يحرم الإتمام يحرم القطع وقد فهم صاحب النهر من قوله فتقدم حرمة القطع أنه يحرم القطع فلا يقطع وليس كذلك وهو غير متعين في الفهم بل يعيد مع قوله فلما قيدها بسجدة حرم عليه المضي وما فهمناه منه متعين واللفظ قابل له إذ معنى قوله فتقدم حرمة القطع يعني ارتكابا لوجوبه لا حقيقة حرمته على حرمة الإتمام تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية