الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان رجل له مال لا تجب في مثله الزكاة ، فأخرج خمسة دراهم فقال : إن أفدت مائتي درهم فهذه زكاتها لم يجز عنه ؛ لأنه دفعها بلا سبب مال تجب في مثله الزكاة ، فيكون قد عجل شيئا ليس عليه إن حال عليه فيه حول " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا ملك أقل من نصاب فعجل زكاة نصاب ، كأن ملك أقل من مائتي درهم عجل خمسة دراهم زكاة مائتي درهم ، أو ملك أقل من أربعين من الغنم فأخرج شاة زكاة أربعين من الغنم ، ثم ملك بعد التعجيل تمام النصاب لم يجزه التعجيل عن زكاته ؛ لأن تعجيل الزكاة يجزئ إذا كان أحد سببي وجوبها موجودا وهو النصاب ، فإذا لم يوجد لم يجزه ، كما لو أخرج كفارة يمينه قبل حنثه ويمينه ، فإذا ثبت هذا صار أصلا مقررا تستمر عليه جميع فروعه ، فمن ذلك إذا اشترى سلعة بمائتي درهم فعجل زكاة ألف عنها وعن ربحها فباعها عند الحول بألف أجزأه ما عجله عن الألف ؛ لأن أحد السببين وهو النصاب موجود ، والربح الزائد تبع للنصاب في حوله فجاز ما عجله عن النصاب وعن ربحه ، فلو كان قد باع السلعة في أثناء الحول بألف ، فإن قيل : إنه يستأنف بالربح الحول لم يجزه التعجيل عن الربح ؛ لأنه لا يكون تبعا ، وإن قال يبني على حول المائتين أجزأه التعجيل الأول عن الربح ؛ لأنه يكون تبعا ، فلو ملك ألفا فعجل زكاتها ثم تلفت فملك بعدها ألفا لم يجزه التعجيل الأول عن الألف الثاني [ ص: 175 ] ؛ لأنه تعجيل قبل الملك ، ولو كان معه ألف ثم ملك ألفا ، وعجل زكاة ألف ، ثم تلف أحد الألفين أجزأه ما عجله عن الألف الباقية ، لوجودها قبل التعجيل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية