الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وخلط الماشية كمالك )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة الخلطة اجتماع نصابي نعم مالكين فأكثر فيما يوجب تزكيتهما على ملك واحد ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( إن نويت )

                                                                                                                            ش : أي الخلطة يريد ولم يقصدا بالخلطة الفرار من تكثير الواجب إلى تقليله فإن قصدا ذلك فلا أثر للخلطة ويؤخذان بما كانا عليه ، قال ابن عرفة ويثبت الفرار بالقرينة والقرب على المشهور وفي القرب الموجب تهمتهما خمسة ابن القاسم اختلاطهم لأقل من شهرين يعتبر ما لم يقرب جدا ابن حبيب أقله شهر وما دونه لغو محمد أقل من شهر معتبر ما لم يقرب جدا ابن بشير في كون موجب التهمة شهرين ونحوهما أو شهرا ، ثالث الروايات دونه ولا خلاف عند الإشكال كيمين التهمة ، ثالثها يحلف المتهم الباجي لا يؤخذ بنقض حالهما إلا بتيقن فرارهما ، وإن شك فيه حملا على ظاهرهما القاضي إن اتهما حلفا وإلا فلا ، وأخذ ابن عبد السلام عدم الإحلاف ، وإن كان متهما من قولها من قال فيما بيده قراض أو وديعة أو مديان أو لم يحل الحول لم يحلف : يريد ; لأنه في العين أمين ، انتهى .

                                                                                                                            وهذا الشرط الذي ذكره المصنف نقله في الذخيرة عن سند ، ومنه مسألة في أول زكاة الماشية من العتبية ، قال : سئل عن رجل تصدق على ابن له بغنم فحازها له ووسمها ، فإن ضمها إلى غنمه كان فيها شاتان ، وإن أفردها كان فيها شاة ، قال : لا يضمها إلى غنمه ، قال فلو ضمها ، وقال للمصدق لما جاء : ليس لي إلا كذا وكذا وسائرها تصدقت به على ولدي ، أيصدقه الساعي ؟ قال نعم يصدقه إن كان على صدقته بينة ابن رشد يريد : يصدقه على تعيين الغنم إذا شهدت البينة بالصدقة ولم تعينها ، وظاهر قول سحنون أنه مصدق ، وإن لم تكن له بينة أصلا وهو استحسان على غير قياس ; لأنه أقر أن الغنم كانت له وادعى ما يسقط زكاتها ، ثم ذكر الخلاف الآتي .

                                                                                                                            ص ( وكل حر )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة وخلطة العبد سيده وشركته كأجنبي ، وقال ابن كنانة : يزكي السيد الجميع ، انتهى . وفي رسم الجواب من سماع عيسى من زكاة الحبوب وسألته عن العبد يكون شريكا لسيده في الزرع فلا يرفعان إلا خمسة أوسق هل يكون فيها زكاة أو يكون خليطا ؟ وكذلك في الغنم يكون لكل واحد منهما عشرون هل عليهما صدقة ، قال ابن القاسم : قال مالك ليس عليهما ولا على أحدهما في ذلك شيء قليل ولا كثير في زرع ولا غنم قال ابن القاسم وهذا مما لا شك فيه ، ولا كلام واحذر من يقول غير هذا أو يرويه فإن ذلك ضلال ابن رشد ، من يقول : إن العبد لا يملك ، وإن ماله لسيده يوجب الزكاة عليه في الزرع والغنم وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة ، وفي المدونة لابن كنانة نحوه ، قال يخرج الزكاة من جميع [ ص: 267 ] ذلك ثم يصنع هو وعبده ما شاءا ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( ملكا نصابا )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر .

                                                                                                                            ( فرع ) ، قال ابن عرفة : والشريكان كالخليطين ولا تراد بينهما ، وقال في المدونة : يعتبر النصاب في حصة كل واحد من الشركاء في جملة أموال الزكاة ونصه في كتاب الزكاة الثاني والشركاء في كل حب يزكى أو تمر أو عنب أو ورق أو ذهب أو ماشية فليس على من لم يبلغ حظه منهم - في النخيل والزرع والكروم مقدار الزكاة - زكاة ، انتهى . وفي المقرب ، قال مالك : والزكاة واجبة على الشركاء في النخيل والزرع والكروم والزيتون إذا بلغ حظ كل منهم ما فيه الزكاة ، ومن لم يبلغ فلا شيء ، انتهى . وقال في الشامل : ولا زكاة على شريك حصة دون نصاب في عين وماشية وحرث ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( بحول )

                                                                                                                            ش : يعني أن يتفقا في الحول ، وزاد بعضهم اتحاد نوعي الماشية ، وإنما تركه لوضوحه وإلا فلا بد منه .

                                                                                                                            ص ( بملك أو منفعة )

                                                                                                                            ش : أي بملك الرقبة أو اشتراك في المنفعة ، وهو راجع للخمسة كما يظهر من كلام ابن بشير وغيره

                                                                                                                            ص ( ومراح )

                                                                                                                            ش : ضبطه عياض بضم الميم والجوهري إن كان بمعنى المبيت فبالضم وبمعنى موضع الاجتماع للرواح للمبيت فبالفتح ، والمعنى الثاني هو المراد في كلام المصنف لذكره المبيت

                                                                                                                            ص ( برفق ) [ ص: 268 ]

                                                                                                                            ش : ، والظاهر رجوعه للجميع قال في الشامل : فإن خلطوها للرفق فكالمالك الواحد

                                                                                                                            ص ( ، ولو انفرد وقص لأحدهما )

                                                                                                                            ش : تقدم في كلام المدونة أن الوقص هو ما بين الفريضتين في جمع الماشية ، وقال في التنبيهات : والوقص بفتح القاف ما لا زكاة فيما بين الفرضين في الزكاة ، وجمعه أوقاص ، وقال أبو عمران : هو ما وجب فيه الغنم كالخمس من الإبل إلى العشرين ، وقيل هو في البقر خاصة ، قال سند : الجمهور على تسكين القاف ، وقيل بفتحه ; لأن جمعه أوقاص كجمل وأجمال وجبل وأجبال ، ولو كانت ساكنة لجمع على أفعل ، مثل كلب وأكلب وفلس وأفلس ولا حجة فيه ; لأنهم قالوا : حول وأحوال ، وهول وأهوال وكبر وأكبار ، انتهى . وفي عده " كبر " " وأكبار " في سلك ذلك نظر ; لأن كبر بفتح الباء فلا ينهض دليلا ; لأنه من باب جمل وجبل ، والله أعلم ، وقال الجوهري : وقص العنق : كسرها ، ووقصت به راحلته ، وبفتح القاف قصر العنق وواحد الأوقاص في الصدقة ما بين الفريضتين ، وكذلك الشنق ، وقيل : الوقص في البقر والشنق في الإبل ، وتقول توقصت به فرسه إذا نزا نزوا يقارب الخطو ، واعلم أن هذه اللفظة معلومة قبل الشرع فيجب أن تكون لمعنى لا تعلق له بالزكاة التي لم تعلم إلا من الشرع واستعيرت من ذلك المعنى اللغوي لهذا المعنى الشرعي وذلك يحتمل أن يكون من " وقص العنق " الذي هو قصره لقصوره عن النصاب أو من " وقصت به فرسه " إذا قاربت الخطو ; لأنه يقارب النصاب ، قال سند ولمالك والشافعي في تعلق الزكاة بالوقص قولان ، انتهى . من الذخيرة ، قال في التوضيح : والشنق بفتح الشين المعجمة والنون ، قاله في التنبيهات ، قال مالك : وهو ما يزكى من الإبل بالغنم ، انتهى . وما ذكره في التوضيح في الشنق عن القاضي عياض مخالف لما ذكره الجوهري ، وحكاه عنه القرافي في ذخيرته فإنه جعل الشنق مرادفا للوقص ، وهو ما بين الفريضتين من كل ما تجب فيه الزكاة ، وفسره في النهاية بذلك أيضا ، قال : وإنما سمي شنقا ; لأنه لم يؤخذ منه شيء فأشنق إلى ما يليه ، أي أضيف وجمع ، ثم قال : والعرب تقول : إذا وجبت على الرجل شاة في خمس من الإبل قد أشنق أي وجب عليه شنق فلا يزال مشنقا إلى أن تبلغ إبله خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض ، وقد زال عنه اسم الإشناق ويقال له : معقل أي مؤد للعقال مع بنت المخاض فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففرض ، أي وجبت في إبله الفريضة ، انتهى . فكأنه - والله أعلم - سمي شنقا لكونه أشنق إلى غيره أي أضيفت الإبل إلى الغنم فزكيت بها ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( في القيمة )

                                                                                                                            ش : يريد : ولو وجب الرجوع بشاة كاملة كما هو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة خلافا لأشهب ، وأما إذا كان الواجب جزءا فتتعين القيمة ابن عرفة اتفاقا ، وشاذ ابن الحاجب ، ونقله ابن رشد وابن شاس لا أعرفه إلا قول أشهب : ليس لمن أخذت منه حقة عنهما أخذ خليطه بجزء وحقة ومن قال : له أن يعطيه جزءا منها لم [ ص: 269 ] أعبه ولم يؤخذ من هذا ; لأنه لم يجزم به ، بل جزم بنقيضه سلمناه ، مدلوله خيار المأخوذ منه لا لزومه ، انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن عرفة : وفي كون القيمة يوم الأخذ أو يوم القضاء نقل الباجي عن ابن القاسم وتخريج الشيخ على أهل المذهب ، انتهى . واقتصر في الشامل على الأول ، والله أعلم

                                                                                                                            ص ( كالخليط الواحد )

                                                                                                                            ش : هذا جواب عن المسألتين يؤخذ منه حكمها ، وقوله بعده : " عليه شاة إلى آخره " زيادة بيان في الأولى ولا يمكن جعله بيانا لهما فإن مذهب المدونة إنما يلزم في الثانية شاة - على صاحب الثمانين ثلثاها وعلى صاحب الأربعين ثلثها - قال في التوضيح : وهو المشهور

                                                                                                                            ص ( بالقيمة )

                                                                                                                            ش : يحتمل أن يريد أن تراجع الخلطاء يكون بالقيمة أيضا في هذه المسألة كما أشار إليه أولا ولا كبير فائدة فيه حينئذ ويحتمل أن يشير إلى أن الساعي إذا وجب له جزء من شاة أو بعير يأخذ القيمة ، قال ابن الحاجب بعد هذه المسألة : وإذا وجب جزء تعين أخذ القيمة لا جزء على المشهور ، قال ابن فرحون يسنى إذا وجب للساعي على أحد الخليطين جزء شاة أو جزء بعير فإن على الساعي أن يأخذ منه قيمة ذلك ، وهذا معنى قوله " تعين أخذ القيمة " ، وقيل يأتي بشاة يكون للساعي جزؤها والأول أصح إذ لا بد للشاة من البيع ، والثمن هو القيمة وليس هذا مثل من وجبت عليه شاة فدفع قيمتها إذ لا ضرورة بخلاف هذه ، والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية