الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الفتنة بإفريقية مع أهل طرابلس

في هذه السنة ثار أبو عصام ومن وافقه على إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية ، فحاربهم إبراهيم فظفر بهم .

وفيها استعمل ابن الأغلب ابنه عبد الله على طرابلس الغرب ، فلما قدم إليها ثار عليه الجند فحصروه في داره ، ثم اصطلحوا على أن يخرج عنهم ، فخرج عنهم ، فلم يبعد عن البلد حتى اجتمع كثير من الناس ، ووضع العطاء ، فأتاه البربر من كل ناحية ، وكان يعطي الفارس كل يوم أربعة دراهم ، ويعطي الراجل في اليوم درهمين ، فاجتمع له عدد كثير ، فزحف بهم إلى طرابلس ، فخرج إليه الجند ، فاقتتلوا ، فانهزم جند طرابلس ، ودخل عبد الله المدينة وأمن الناس ، وأقام بها .

ثم عزله أبوه ، واستعمل بعده سفيان بن المضاء ، فثارت هوارة بطرابلس ، فخرج الجند إليهم ، والتقوا فاقتتلوا ، فهزم الجند إلى المدينة ، فتبعهم هوارة ، فخرج الجند هاربين إلى الأمير إبراهيم بن الأغلب ، ودخلوا المدينة فهدموا أسوارها .

وبلغ ذلك إبراهيم بن الأغلب ، فسير إليها ابنه أبا العباس عبد الله في ثلاثة عشر [ ص: 436 ] ألف فارس ، فاقتتل هو والبربر ، وقتل كثير منهم ، ودخل طرابلس وبنى سورها .

وبلغ خبر هزيمة البربر إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، وجمع البربر وحرضهم ، وأقبل بهم إلى طرابلس ، وهم جمع عظيم ، غضبا للبربر ونصرة لهم ، فنزلوا على طرابلس وحصروها ، فسد أبو العباس عبد الله بن إبراهيم باب زناتة ، وكان يقاتل من باب هوارة ، ولم يزل كذلك إلى أن توفي أبوه إبراهيم بن الأغلب ، وعهد بالإمارة لولده عبد الله ، فأخذ أخوه زيادة الله بن إبراهيم له العهود على الجند ، وسير الكتاب إلى أخيه عبد الله ، يخبره بموت أبيه ، وبالإمارة له ، فأخذ البربر الرسول والكتاب ، ودفعوه إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، فأمر بأن ينادى عبد الله بن إبراهيم بموت أبيه ، [ فصالحهم على أن يكون البلد ] والبحر لعبد الله ، وما كان خارجا عن ذلك يكون لعبد الوهاب ، وسار عبد الله إلى القيروان ، فلقيه الناس وتسلم الأمر ، وكانت أيامه أيام سكون ودعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية