الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              749 59 \ 720 - وعن البراء، وهو ابن عازب - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لا يعود .

                                                              [ ص: 207 ] في إسناده يزيد بن أبي زياد، أبو عبد الله الهاشمي، مولاهم الكوفي، ولا يحتج بحديثه، وقال الدارقطني: إنما لقن يزيد في آخر عمره "ثم لم يعد"، فتلقنه، وكان قد اختلط. وقال البخاري: وكذلك روى الحفاظ الذين سمعوا من يزيد قديما، منهم الثوري، وشعبة، وزهير، ليس فيه: "ثم لا يعود".

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقال عثمان الدارمي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث ؟ فقال: لا يصح هذا الحديث.

                                                              وقال يحيى بن محمد الذهلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا حديث واه.

                                                              ورواه الشافعي عن ابن عيينة عن يزيد، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه ، قال ابن عيينة: ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد، فسمعته يحدث بهذا. وزاد فيه "ثم لا يعود" فظننت أنهم قد لقنوه. قال الشافعي: ذهب سفيان إلى تغليط يزيد. وقال الإمام أحمد: هذا حديث واه.

                                                              وقال ابن عبد البر: تفرد به يزيد بن أبي زياد، ورواه شعبة والثوري وابن عيينة وهشيم وخالد بن عبد الله لم يذكر أحد منهم "ثم لا يعود" .

                                                              [ ص: 208 ] وقال يحيى بن معين: يزيد بن [أبي] زياد ضعيف الحديث، وقال ابن عدي ليس بذاك.

                                                              وقال الحميدي الكبير: قلنا للمحتج بهذا: إنما رواه يزيد، ويزيد يزيد. وقال أحمد في رواية عنه: لا يصح عنه هذا الحديث. وقال الدارمي: ومما يحقق قول سفيان أنهم لقنوه هذه الكلمة: أن الثوري وزهير بن معاوية وهشيما وغيرهم من أهل العلم لم يجيئوا بها إنما جاء بها من سمع منه بأخرة.

                                                              قال البيهقي: وقد رواه إبراهيم بن بشار، عن سفيان، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع قال سفيان: فلما قدمت الكوفة سمعته يقول: يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود وظننت أنهم لقنوه .

                                                              [ ص: 209 ] فهذه ثلاثة أوجه عن يزيد، فلو قدر أنه من الحفاظ الأثبات، وقد اختلف حديثه، لوجب تركه والرجوع إلى الأحاديث الثابتة التي لم تختلف، مثل حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه ونحوها. فمعارضتها بمثل هذا الحديث الواهي المضطرب المختلف في غاية البطلان.

                                                              قال الحاكم: وإبراهيم بن بشار ثقة مأمون، وقال ابن معين ليس بشيء، وقال أحمد: يأتي عن سفيان بالطامات، حتى كأنه ليس سفيان.




                                                              الخدمات العلمية