الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 210 ] قال أحمد بن حنبل : شعبة أثبت من الأعمش في الحكم ، وشعبة أحسن حديثا من الثوري ، قد روى عن ثلاثين كوفيا ، لم يلقهم سفيان . قال : وكان شعبة أمة وحده في هذا الشأن .

                                                                                      قال عبد السلام بن مطهر : ما رأيت أحدا أمعن في العبادة من شعبة - رحمه الله .

                                                                                      قال أبو نعيم : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحب إلي من أن أدلس .

                                                                                      وقال سليمان بن حرب : حدثنا شعبة يوما بحديث الصادق المصدوق وأحاديث نحوه ، فقال رجل من القدرية : يا أبا بسطام ! ألا تحدثنا نحن أيضا بشيء ؟ فذكر حديث أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن [ ص: 211 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - كل مولود يولد على الفطرة . . . الحديث

                                                                                      قال يحيى القطان : كان شعبة من أرق الناس ، يعطي السائل ما أمكنه .

                                                                                      وقال أبو قطن : كانت ثياب شعبة كالتراب ، وكان كثير الصلاة ، سخيا . وعن عبد العزيز بن أبي رواد ، قال : كان شعبة إذا حك جسمه ، انتثر منه التراب ، وكان سخيا ، كثير الصلاة .

                                                                                      قال أبو داود الطيالسي : كنا عند شعبة ، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي ، وقال : مات حماري ، وذهبت مني الجمعة ، وذهبت حوائجي . قال : بكم أخذته ؟ قال : بثلاثة دنانير . قال شعبة : فعندي ثلاثة دنانير ، والله ما أملك غيرها . ثم دفعها إليه .

                                                                                      قال النضر بن شميل : ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة .

                                                                                      وبإسنادي الماضي إلى البغوي : حدثنا علي بن الجعد قال : قدم شعبة بغداد مرتين : أيام المنصور ، وأيام المهدي ، كتبت عنه فيهما جميعا .

                                                                                      وقال أبو العباس السراج : حدثنا محمد بن عمرو ، سمعت أصحابنا يقولون : وهب المهدي لشعبة ثلاثين ألف درهم ، فقسمها ، وأقطعه ألف [ ص: 212 ] جريب بالبصرة ، فقدم البصرة ، فلم يجد شيئا يطيب له ، فتركها .

                                                                                      قال أبو بكر الخطيب : قدم شعبة في شأن أخيه ، كان حبسه أبو جعفر ، كان اشترى طعاما ، فخسر ستة آلاف دينار ، هو وشركاؤه - يعني فكلم فيه شعبة أبا جعفر .

                                                                                      قال الأصمعي : لم نر قط أعلم من شعبة بالشعر ، قال لي : كنت ألزم الطرماح فمررت يوما بالحكم بن عتيبة وهو يحدث ، فأعجبني الحديث ، وقلت : هذا أحسن من الشعر ، فمن يومئذ طلبت الحديث .

                                                                                      قال أبو داود : سمعت شعبة يقول : لولا الشعر لجئتكم بالشعبي ; يعني أنه كان في حياة الشعبي مقبلا على طلب الشعر . قال علي بن نصر الجهضمي : قال شعبة : كان قتادة يسألني عن الشعر ، فقلت له : أنشدك بيتا ، وتحدثني حديثا .

                                                                                      وعن عبد الرحمن بن مهدي قال : ما رأيت أحدا أكثر تقشفا من شعبة .

                                                                                      وقال يحيى بن معين : شعبة إمام المتقين . وقال أبو زيد الأنصاري : هل العلماء إلا شعبة من شعبة ؟ .

                                                                                      قال سلم بن قتيبة : أتيت سفيان الثوري ، فقال : ما فعل أستاذنا شعبة ؟ [ ص: 213 ]

                                                                                      وقال يحيى بن سعيد : لا يعدل شعبة عندي أحد .

                                                                                      ابن مهدي : سمعت شعبة يقول : إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله ، وعن الصلاة ، وعن صلة الرحم ، فهل أنتم منتهون ؟ .

                                                                                      قال أبو قطن : سمعت شعبة بن الحجاج يقول : ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار من الحديث .

                                                                                      وعنه قال : وددت أني وقاد حمام ، وأني لم أعرف الحديث .

                                                                                      قلت : كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم يخاف من مثل هذا ، ويود أن ينجو كفافا .

                                                                                      قال عفان : كان شعبة من العباد .

                                                                                      قال سعد بن شعبة : أوصى أبي : إذا مات أن أغسل كتبه . فغسلتها .

                                                                                      قلت : وهذا قد فعله غير واحد : بالغسل ، وبالحرق ، وبالدفن ، خوفا من أن تقع في يد إنسان واه ، يزيد فيها أو يغيرها .

                                                                                      روى أبو عبيدة الحداد ، عن شعبة ، قال : لم يسمع حميد الطويل من أنس سوى أربعة وعشرين حديثا ، والباقي سمعها ، وثبته فيها ثابت البناني - يعني : فكان يحذف ثابتا ويدلسها ، فيقول : عن أنس .

                                                                                      ما أعتقد إلا أنه سمع من أنس أضعاف ذلك ، فإنه مكثر عنه ، بحيث إنه له في الكتب الستة أزيد من مائة حديث .

                                                                                      قال علي بن المديني : شعبة أحفظ للمشايخ ، وسفيان أحفظ للأبواب .

                                                                                      قال أبو داود : قال لي شعبة : في صدري أربع مائة حديث لأبي الزبير ، والله لا حدثت عنه . [ ص: 214 ]

                                                                                      قال القطان : كان شعبة أمر في الأحاديث الطوال من سفيان .

                                                                                      قال علي بن المديني : قيل ليحيى بن سعيد : إن عبد الله بن إدريس ، وأبا خالد بن عمار ، يزعمان : أن شعبة أملى عليهما . فأنكر ذلك ، وقال : قال لي شعبة : ما أمليت على أحد من الناس ببغداد ، إلا على ابن زريع أكرهني عليه ، وقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن أكتبها . ثم قال له يحيى : لو أردته على الإملاء ، لأملى علي ، وما أملى وأنا حاضر قط ، ولقد جاءه خارجة بن مصعب ، وهو شيخ ، وليس عنده غيري ، فأخرج رقيعة ، فنفر شعبة ، فقال له : إنما هي أطراف ، فسكن .

                                                                                      عبد الوهاب بن نجدة : قال لي بقية : كان شعبة يملي علي ، وذاك أنه قال لي : اكتب لي حديث بحير بن سعيد ، فكتبتها له ، فقلت له : كيف يحل لك أن تكتب ، ولا يحل لنا أن نكتب عنك ؟ فقال لي : اكتب . فكنت أكتب عنه .

                                                                                      القواريري : حدثنا يزيد بن زريع قال : أملى علينا شعبة هذه المسائل من كتابه - يعني : مسائل الحكم ، وحماد - . وكان يوما قاعدا يسبح بكرة ، فرأى قوما قد بكروا ، فأخذوا أمكنة لقوم يجيئون بعدهم ، ورأى قوما يجيئون ، فقام من مكانه ، فجلس في آخرهم . ابن المديني : حدثنا يحيى القطان قال : هؤلاء شيوخ شعبة من الكوفة لم يلقهم سفيان : عدي بن ثابت ، طلحة بن مصرف ، المنهال بن عمرو ، إسماعيل بن رجاء ، عبيد بن الحسن ، الحكم ، عبد الملك بن ميسرة ، يحيى أبو عمرو البهراني ، علي بن مدرك ، سماك بن الوليد ، سعيد بن أبي بردة ، [ ص: 215 ]

                                                                                      عبد الله بن جبر ، محل بن خليفة ، أبو السفر سعيد الهمداني ، ناجية بن كعب . قال وكيع : قال شعبة : رأيت ناجية الذي يروي عنه أبو إسحاق ، يلعب بالشطرنج ، فتركته ، فلم أكتب عنه . ومنهم : العلاء بن بدر ، وحيان البارقي ، وعبد الله بن أبي المجالد . . . وسمى جماعة .

                                                                                      رواها : أحمد بن أبي خيثمة ، ثم زاد أناسا : الوليد بن العيزار ، يحيى بن الحصين ، نعيم بن أبي هند ، حبيب بن الزبير ، سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص .

                                                                                      قال عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثنا شعبة ، قال : رأيت الحسن قام إلى الصلاة ، فتكابوا عليه ، فقال : لا بد لهؤلاء الناس من وزعة . وكان يقعد عند المنارة العتيقة في آخر المسجد .

                                                                                      وقال صالح بن سليمان : كانت في شعبة تمتمة .

                                                                                      قال أبو عبد الرحمن المقرئ : سمعت شعبة يقول : من كذب الإنسان مرتين يقول : ليس بشيء ، إلا شويء ، ليس بشيء .

                                                                                      قال عبد الرحمن بن مهدي : قال شعبة : كنت أتفقد فم قتادة ، فإذا قال : سمعت ، أو حدثنا تحفظته ، وإلا تركته .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : كان غلط شعبة في الأسماء .

                                                                                      قال الشافعي : كان شعبة يجيء إلى الرجل - يعني الذي ليس أهلا [ ص: 216 ] للحديث - فيقول : لا تحدث ، وإلا استعديت عليك السلطان . أبو زيد الهروي ، عن شعبة : لأن أقع من السماء إلى الأرض ، أحب إلي من أن أدلس .

                                                                                      قال صالح بن محمد جزرة : حدثني سليمان بن داود القزاز : سمعت أبا داود يقول : سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث ، وسمع منه غندر مثلها ، أغربت عليه ألف حديث ، وأغرب هو علي ألفا . قال شعبة : وقفوهم تصدقوا أو تكذبوا . سمعه منه أبو عبيدة الحداد .

                                                                                      قال مسلم بن إبراهيم : كان شعبة إذا قام سائل في مجلسه ، لا يحدث حتى يعطى أو يضمن له .

                                                                                      قال أبو عاصم : كنا عند شعبة ، وقد أقبل على رجل خراساني ، فقيل له : تقبل على هذا وتدعنا ! ؟ قال : وما يؤمنني أن معه خنجرا يشق بطني به .

                                                                                      قال ابن أبي الدنيا : حدثنا خالد بن خداش ، حدثني حريش ابن أخت جرير بن حازم ، قال : رأيت شعبة في النوم ، فقلت : أي الأعمال وجدت أشد عليك ؟ قال : التجوز في الرجال .

                                                                                      قال عبيد بن يعيش : سمعت يونس بن بكير ، سمعت شعبة يقول : اكتم علي : محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث .

                                                                                      وقال شعبة : قلت ليونس بن عبيد : سمع الحسن من أبي هريرة ؟ قال : لا ، ولا حرف . [ ص: 217 ]

                                                                                      قال أبو داود ، عن شعبة ، قال : كان أيوب يمشي إلى مسجد بني ضبيعة يسألني عن الحديث ، حدثته يوما بحديث قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أن امرأة أرادت الحج فقال أيوب : هاتوا إسنادا مثل هذا .

                                                                                      قال يحيى بن سعيد : قال شعبة : أتى إلي ابن عون ، وسليمان التيمي ، يعزياني بأمي ، فقال سليمان : حدثنا أبو نضرة . . . فقال ابن عون : قد رأيت أبا نضرة ؟ قال سليمان : فما رأيت ؟ ! .

                                                                                      عفان : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : جاء شعبة إلى حميد ، فسأله عن حديث لأنس فحدثه به . فقال له شعبة : سمعته من أنس ؟ قال : فيما أحسب . فقال شعبة ، بيده هكذا ، وأشار بأصابعه : لا أريده . ثم ولى . فلما ذهب ، قال حميد : سمعته من أنس كذا وكذا مرة ، ولكن أحببت أن أفسده عليه . ورواه أحمد ، عن عفان ، وفيه : ولكن شدد علي فأحببت أن أشدد عليه .

                                                                                      روى سلم بن قتيبة ، عن شعبة ، قال : قلت لمشاش : سمع الضحاك من ابن عباس ؟ قال : ما رآه قط .

                                                                                      وروى هشيم ، عن شعبة ، قال : خذوا عن أهل الشرف فإنهم لا يكذبون .

                                                                                      وقال وكيع : قال شعبة : فلان عن فلان مثله لا يجزئ . وقال سفيان الثوري : يجزئ .

                                                                                      عثمان بن جبلة ، عن شعبة ، قال : أي شيء ألذ من أن تلقى شيخا في فيء ريح ، قد لقي الناس ، وأنت تستثيره ، وتستخرج منه العلم ، قد خلوت به ؟ !

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية