الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ترك الإمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه

                                                                                                                                            1403 - ( عن زيد بن خالد الجهني { أن رجلا من المسلمين توفي بخيبر ، وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه القوم لذلك ; فلما رأى الذي بهم قال : إن صاحبكم غل في سبيل الله ، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين . } رواه الخمسة إلا الترمذي ) .

                                                                                                                                            1404 - ( وعن جابر بن سمرة { أن رجلا قتل نفسه بمشاقص ، فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم } رواه الجماعة إلا البخاري ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجال إسناده رجال الصحيح قوله : ( فقال : صلوا على صاحبكم ) فيه جواز الصلاة على العصاة . وأما ترك النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فلعله للزجر عن الغلول كما امتنع من الصلاة على المديون وأمرهم بالصلاة عليه . قوله : ( ففتشنا متاعه . . . إلخ ) فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإخباره بذلك وانكشاف الأمر كما قال . قوله : ( ما يساوي درهمين ) فيه دليل على تحريم الغلول وإن كان شيئا حقيرا . وقد ورد في الوعيد عليه أحاديث كثيرة ليس هذا محل بسطها

                                                                                                                                            قوله : ( بمشاقص ) جمع مشقص كمنبر : نصل عريض أو سهم فيه ذلك ، والنصل الطويل أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش كذا في القاموس . قوله : ( فلم يصل عليه ) فيه دليل لمن قال : إنه لا يصلى على الفاسق وهم العترة وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي ، فقالوا : لا يصلى على الفاسق تصريحا أو تأويلا ، ووافقهم أبو حنيفة وأصحابه في الباغي والمحارب ، ووافقهم الشافعي في قول له في قاطع الطريق . وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء إلى أنه يصلى على الفاسق . وأجابوا عن حديث جابر بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس وصلت عليه الصحابة . ويؤيد ذلك ما عند النسائي بلفظ : " أما أنا فلا أصلي عليه " وأيضا مجرد الترك لو فرض أنه لم يصل عليه هو ولا غيره لا يدل على الحرمة المدعاة . ويدل على الصلاة على الفاسق حديث { صلوا على من قال لا إله إلا الله } وقد تقدم الكلام عليه في باب ما جاء في إمامة الفاسق من أبواب الجماعة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية