الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            11772 وعن ابن زميل الجهني قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله إنه كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكانت تعجبه الرؤيا فيقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " . قال ابن زميل : فقلت : أنا يا رسول الله ، قال : " خيرا تلقاه وشرا توقاه ، وخير لنا وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس [ على الجادة ] منطلقون ، فبينا هم كذلك إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيناي مثله ، يرف رفيفا ويقطر نداه ، فيه من أنواع الكلإ ، فكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج ، كبروا ، ثم ركبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتقي ، ومنهم الآخذ الضغث ، ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، فقالوا : خير المنزل . فكأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا ، فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات ، وأنت في أعلاها درجة ، فإذا عن يمينك رجل آدم شثن ، أقنى إذا هو تكلم ، يسمو فيفرع الرجال طولا ، وإذا عن يسارك [ ص: 184 ] رجل تار ربعة أحمر كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم له إكراما له ، وإذا أمامكم شيخ أشبه الناس بك خلقا ، ووجها ، كلهم يؤمونه يريدونه ، فإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تتقيها . قال : فانتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، فقال : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب فذلك ما حملتم عليه من الهدى فأنتم عليه ، وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها، مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق بها [ شيئا ] ولم تتعلق بنا ، ثم جاءت الرعلة الثانية بعدنا ، وهم أكثر منا ، ضعافا فمنهم المربع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونحوه على ذلك ، ثم جاء عظيم الناس فمالوا في المرج يمينا وشمالا [ فإنا لله وإنا إليه راجعون ] . وأما أنت فمضيت على طريق صالحة فلم تزل عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة فالدنيا ، سبعة آلاف سنة ، وأنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت عن يميني الآدم الشثن فذاك موسى - عليه السلام - إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري التار الربعة الكثير خيلان الوجه كأنه حمم وجهه بالماء فذاك عيسى ابن مريم - عليه السلام - تكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم - عليه السلام - كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أتقيها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعدها إلا أن يجيء الرجل فيحدثه بها متبرعا . رواه الطبراني ، وفيه سليمان بن عطاء القرشي وهو ضعيف .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية