الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) كل ( ما ليس بحدث ) أصلا بقرينة زيادة الباء كقيء قليل ودم لو ترك لم يسل ( ليس بنجس ) عند الثاني ، وهو الصحيح رفقا بأصحاب القروح خلافا لمحمد . وفي الجوهرة : يفتى بقول محمد لو المصاب مائعا . [ ص: 141 ] ( و ) ينقضه حكما ( نوم يزيل مسكته ) أي قوته الماسكة بحيث تزول مقعدته من الأرض ، وهو النوم على أحد جنبيه أو وركيه أو قفاه أو وجهه ( وإلا ) يزل مسكته ( لا ) يزل مسكته ( لا ) ينقض وإن تعمده في الصلاة أو غيرها على المختار كالنوم قاعدا ولو مستندا إلى ما لو أزيل لسقط على المذهب ، وساجدا على الهيئة المسنونة ولو في غير الصلاة [ ص: 142 ] على المعتمد ذكره الحلبي ، أو متوركا أو محتبيا ، ورأسه على ركبتيه أو شبه المنكب أو في محمل أو سرج أو إكاف ولو الدابة عريانا ، فإن حال الهبوط نقض وإلا لا .

التالي السابق


( قوله : أصلا ) أي في كل وقت ، فلا يرد الخارج من المحدث ، ومن أصحاب الأعذار لأن انتفاء الانتقاض يختص بوقت خاص قهستاني أي فهذا ليس بحدث مع أنه نجس ، فلذا أخرجه بقوله أصلا المستفاد من زيادة الباء التي هي لتأكيد نفي الخبر .

وقد قال : المراد ما يخرج من بدن المتطهر وهو المتبادر ; وأما ما يخرج من بدن المعذور فهو حدث ، لكن لا يظهر أثره إلا بخروج الوقت كما صرحوا به ( قوله : ليس بنجس ) أي لا يعرض له وصف النجاسة بسبب خروجه بخلاف القليل من قيء عين الخمر أو البول فإنه وإن لم يكن حدثا لقلته لكنه نجس بالأصالة لا بالخروج ، هذا ما ظهر لي ، تأمل ( قوله : وهو الصحيح ) كذا في الهداية والكافي . وفي شرح الوقاية إنه ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة . ا هـ . إسماعيل ( قوله : مائعا ) أي كالماء ونحوه ، أما في الثياب والأبدان فيفتى بقول أبي يوسف . [ تتمة ]

ما ذكره المصنف قضية سالبة كلية لا مهملة لأن ما للعموم ، وكل ما دل عليه فهو صور الكلية كما في المطول وغيره فتنعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل نجس حدث لأنه جعل نقيض الثاني أولا ونقيض الأول ثانيا مع بقاء الكيف والصدق بحاله . وما في الدراية من أنها لا تنعكس ، فلا يقال ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا لأن النوم والجنون والإغماء وغيرها حدث وليست بنجسة ا هـ يريد به العكس المستوي لأنه جعل الجزء الأول [ ص: 141 ] ثانيا والثاني أولا مع بقاء الصدق والكيف بحالهما ، والسالبة الكلية تنعكس فيه سالبة كلية أيضا وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل ( قوله : وينقضه حكما ) نبه على أن هذا شروع في الناقض الحكمي بعد الحقيقي بناء على أن عينه غير ناقض بل ما لا يخلو عنه النائم ، وقيل : ناقض . ورجح الأول في السراج وبه جزم الزيلعي ، بل حكي في التوشيح الاتفاق عليه . مطلب نوم من به انفلات ريح غير ناقض

وأقول : ينبغي أن يكون عينه ناقضا اتفاقا فيمن فيه انفلات ريح إذ ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمتوهم أولى نهر .

قلت : فيه نظر والأحسن ما في فتاوى ابن الشلبي ، حيث قال : سئلت عن شخص به انفلات ريح هل ينقض وضوءه بالنوم ؟ فأجبت بعدم النقض ، بناء على ما هو الصحيح من أن النوم نفسه ليس بناقض ، وإنما الناقض ما يخرج . ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزمه النقض ( قوله : نوم ) هو فترة طبيعية تحدث للإنسان بلا اختيار منه تمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل مع سلامتها واستعمال العقل مع قيامه ، فيعجز العبد عن أداء الحقوق بحر ( قوله : بحيث ) حيثية تقييد : أي كائنا من هذه الجهة وبهذا الاعتبار . مطلب لفظ حيث موضوع للمكان ويستعار لجهة الشيء

وفي التلويح لفظ حيث موضوع للمكان استعير لجهة الشيء واعتباره ، يقال الموجود من حيث إنه موجود أي من هذه الجهة وبهذا الاعتبار . ا هـ . فالمراد زوال القوة الماسكة من الجهة التي ذكرها بعد وفسرها بقوله وهو النوم إلخ ، فلا يرد أنه قد تزول المقعدة ولا يحصل النقض كالنوم في السجود ( قوله : وهو ) أي ما تزول به المسكة المذكورة ( قوله : أو وركيه ) الورك بالفتح والكسر وككتف ما فوق الفخذ مؤنثة جمعه أوراك قاموس ، ويلزم من الميل على أحد الوركين سواء اعتمد على المرفق أو لا زوال مقعدته عن الأرض ، وهو المراد بقول الكنز ومتورك حيث عده ناقضا كما في البحر . ا هـ . ح . أقول : وهو غير المتورك الآتي قريبا ( قوله : على المختار ) نص عليه في الفتح ، وهو قيد في قوله في الصلاة . قال في شرح الوهبانية : ظاهر الرواية أن النوم في الصلاة قائما أو قاعدا أو ساجدا لا يكون حدثا سواء غلبه النوم أو تعمده .

. وفي جوامع الفقه أنه في الركوع والسجود لا ينقض ولو تعمده ولكن تفسد صلاته ا هـ ( قوله : كالنوم ) مثال للنوم الذي لا يزيل المسكة ط ( قوله : لو أزيل لسقط ) أي لو أزيل ذلك الشيء لسقط النائم فالجملة الشرطية صفة لشيء ( قوله : على المذهب ) أي على ظاهر المذهب عن أبي حنيفة وبه أخذ عامة المشايخ ، وهو الأصح كما في البدائع واختار الطحاوي والقدوري وصاحب الهداية النقض ، ومشى عليه بعض أصحاب المتون ، وهذا إذا لم تكن مقعدته زائلة عن الأرض وإلا نقض اتفاقا كما في البحر وغيره .

( قوله : وساجدا ) وكذا قائما وراكعا بالأولى ، والهيئة المسنونة بأن يكون رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه كما في البحر . قال ط : وظاهره أن المراد الهيئة المسنونة في حق الرجل لا المرأة ( قوله : ولو في غير الصلاة ) مبالغة على قوله على الهيئة المسنونة لا على قوله وساجدا ; يعني أن كونه على الهيئة المسنونة قيد في عدم النقض ولو [ ص: 142 ] في الصلاة ، وبهذا التقرير يوافق كلامه ما عزاه إلى الحلبي في شرح المنية كما سيظهر

( قوله : على المعتمد ) اعلم أنه اختلف في النوم ساجدا ; فقيل : لا يكون حدثا في الصلاة وغيرها ، وصححه في التحفة ، وذكر في الخلاصة أنه ظاهر المذهب . وقيل : يكون حدثا ، وذكر في الخانية أنه ظاهر الرواية ، لكن في الذخيرة أن الأول هو المشهور . وقيل إن سجد على غير الهيئة المسنونة كان حدثا وإلا فلا . قال في البدائع : وهو أقرب إلى الصواب إلا أنا تركنا هذا القياس في حالة الصلاة للنص كذا في الحلية ملخصا وصحح الزيلعي ما في البدائع فقال : إن كان في الصلاة لا ينتقض وضوءه لقوله عليه الصلاة والسلام { لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا } وإن كان خارجها فكذلك في الصحيح إن كان على هيئة السجود وإلا ينتقض . ا هـ .

وبه جزم في البحر وكذلك العلامة الحلبي في شرح المنية الكبير ، ونقل فيه عن الخلاصة أيضا أن سجود السهو والتلاوة وكذا الشكر عندهما كسجود الصلاة ، قال : لإطلاق لفظ ساجدا في الحديث ، فيترك به القياس فيما هو سجود شرعا ، ويبقى ما عداه على القياس فينقض إن لم يكن على وجه السنة . ا هـ . لكن اعتمد في شرحه الصغير ما عزاه إليه الشارح من اشتراط الهيئة المسنونة في سجود الصلاة وغيرها . وذكر في شرح الوهبانية أنه قيد به في المحيط وقال : وهو الصحيح ومشى عليه في [ نور الإيضاح ] .

وأما قوله : في النهر إنه لم يوجد في المحيط الرضوي ; ففيه أن محيط رضي الدين ثلاثة نسخ كبير وصغير وأوسط ، على أنه قد يكون المراد محيط السرخسي ، والله أعلم . [ تتمة ]

لو نام المريض وهو يصلي مضطجعا قيل : لا تنقض طهارته كالنوم في السجود والصحيح النقض كما في الفتح وغيره ، زاد في السراج وبه نأخذ ( قوله : أو متوركا ) بأن يلصق قدميه من جانب ويلصق أليتيه بالأرض فتح ( قوله : أو محتبيا ) بأن جلس على أليتيه ونصب ركبتيه وشد ساقيه إلى نفسه بيديه أو بشيء يحيط من ظهره عليهما شرح المنية ( قوله : ورأسه على ركبتيه ) غير قيد وإنما زاده للرد على الأتقاني في [ غاية البيان ] حيث فسر الاتكاء الناقض للوضوء بهذه الهيئة .

قال في شرح المنية : هذه الهيئة لا تعرف في اللغة اتكاء قطعا ، وإنما تسمى احتباء ، وإنما سماها الأتقاني بذلك ، وتبعه فيه من لا خبرة له ولا فقه عنده ا هـ .

( قوله : أو شبه المنكب ) أي على وجهه وهو كما في شروح الهداية أن ينام واضعا أليتيه على عقبيه وبطنه على فخذيه ، ونقل عدم النقض به في الفتح عن الذخيرة أيضا ، ثم نقل عن غيرها لو نام متربعا ورأسه على فخذيه نقض . قال : وهذا يخالف ما في الذخيرة واختار في شرح المنية النقض في مسألة الذخيرة لارتفاع المقعدة وزوال التمكن . وإذا نقض في التربع مع أنه أشد تمكنا فالوجه الصحيح النقض هنا ، ثم أيده بما في الكفاية عن المبسوطين من أنه لو نام قاعدا ووضع أليتيه على عقبيه وصار شبه المنكب على وجهه قال أبو يوسف عليه الوضوء .

( قوله : أو في محمل ) أي إلا إذا اضطجع فيه حلية ( قوله : أو إكاف ) بدون ياء : برذعة الحمار وهو ككتاب وغراب والمصدر الإيكاف ط عن القاموس ، وأفاد الشارح أن النوم في سرج وإكاف لا ينقض حال الصعود وغيره ، وبه صرح في المنية ( قوله : عريانا ) قال في المغرب : فرس عري لا سرج عليه ولا لبد وجمعه أعراء ، ولا يقال : فرس عريان . ا هـ . قلت : لكن في القاموس فرس عرى بالضم بلا سرج . واعرورى فرسا : ركبه عريانا ( قوله : نقض ) لتجافي المقعدة عن ظهر الدابة حلية ( قوله : وإلا ) بإن كان حال الصعود أو الاستواء منية .




الخدمات العلمية