الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 373 ] 2 - باب ما كان في أول الإسلام من منع دخول المحرم من الأبواب ، ونسخ ذلك

حديث جابر وما كان في أول الإسلام - نسخ ذلك الأمر بآية ( ليس البر ) - كلام المفسرين في ذلك .

أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الدورقي ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : وكانت قريش تدعي الحمس ، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام ، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بستان إذ خرج من بابه ، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري ، فقالوا : يا رسول الله ، إن قطبة بن عامر رجل فاجر ، فإنه خرج معك من الباب . فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : رأيتك فعلت ؛ ففعلت كما فعلت . قال : إني أحمس . قال : فإن ديني دينك . فأنزل الله تعالى : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) .

ذكر المفسرون أن الناس كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه ، فإن [ ص: 374 ] كان من أهل المدر نقب نقبا في ظهر بيته منه يدخل ومنه يخرج ، أو يتخذ سلما فيصعد فيه ، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ، ولا يدخل من الباب ولا يخرج منه حتى يحل من إحرامه ، ويرون ذلك برا إلا أن يكون من الحمس وهم : قريش ، وكنانة ، وخزاعة ، وثقيف ، وجشم ، وبنو نصر بن معاوية ، وبنو عامر بن صعصعة ، سموا حمسا لتشددهم في دينهم ، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وإنكاره على قطبة بن عامر خروجه يدل على أنه كان مشروعا في أول الإسلام ، وهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية