الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما مني غير الآدمي ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) : الجميع طاهر إلا مني الكلب والخنزير ; لأنه خارج من حيوان طاهر يخلق منه مثل أصله فكان طاهرا كالبيض ومني الآدمي ( والثاني ) : الجميع نجس ; لأنه من فضول الطعام المستحيل ، وإنما حكم بطهارته من الآدمي لحرمته وكرامته ، وهذا لا يوجد في غيره ( والثالث ) : ما أكل لحمه فمنيه طاهر كلبنه ، وما لا يؤكل لحمه فمنيه نجس كلبنه ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : هذه الأوجه مشهورة ودلائلها ظاهرة ، والأصح طهارة الجميع غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما ، وممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد والبندنيجي وابن الصباغ والشاشي وغيرهم .

                                      وأشار المصنف في التنبيه إلى ترجيحه وصحح الرافعي النجاسة مطلقا ، والمذهب الأول . أما مني الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما ، فإنه نجس بلا خلاف ، كما صرح به المصنف .



                                      ( فرع ) البيض من مأكول اللحم طاهر بالإجماع ، ومن غيره فيه وجهان كمنيه الأصح الطهارة .

                                      وقد أشار المصنف في تعليله الوجه الأول إلى القطع بهذا قال أصحابنا : ويجري الوجهان في بزر القز ; لأنه أصل الدود كالبيض . وأما دود القز فطاهر بلا خلاف ، وثبت في صحيح مسلم عن [ ص: 575 ] أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المسك أطيب الطيب } وفي الصحيحين { أن وبيص الطيب كان يرى من مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم } وفي فأرة المسك المنفصلة في حال حياة الظبية وجهان .

                                      ( أصحهما ) : الطهارة كالجنين ( والثاني ) : النجاسة كسائر الفضلات والأجزاء المنفصلة في الحياة فإن انفصلت بعد موتها فنجسة على المذهب كاللبن ، وقيل طاهرة كالبيض المتصلب ، حكاه الرافعي .



                                      ( فرع ) : البيضة الطاهرة إذا استحالت دما ففي نجاستها وجهان ( الأصح ) النجاسة كسائر الدماء ( والثاني ) : الطهارة كاللحم وغيره من الأطعمة إذا تغيرت ، ولو صارت مدرة ، وهي التي اختلط بياضها بصفرتها فطاهر بلا خلاف ، صرح به صاحب التتمة وغيره ، وكذا اللحم إذا خنز وأنتن فطاهر على المذهب ، وفيه وجه أنه نجس ، حكاه الشاشي وصاحب البيان في باب الأطعمة ، وهو شاذ ضعيف جدا .



                                      ( فرع ) هل يحل أكل المني الطاهر ؟ فيه وجهان ؟ الصحيح المشهور أنه لا يحل ; لأنه مستخبث قال تعالى : { ويحرم عليهم الخبائث } والثاني يجوز ، وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي ; لأنه طاهر لا ضرر فيه .

                                      وسنبسط الكلام فيه وفي المخاط وأشباهه في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى .

                                      وإذا قلنا بطهارة بيض ما لا يؤكل لحمه جاز أكله بلا خلاف ; لأنه غير مستقذر ، وهل يجب غسل ظاهر البيض إذا وقع على موضع طاهر ؟ فيه وجهان حكاهما البغوي وصاحب البيان وغيرهما بناء على أن رطوبة الفرج طاهرة أم نجسة ، وقطع ابن الصباغ في فتاويه بأنه لا يجب غسله ، وقال : الولد إذا خرج طاهر لا يجب غسله بإجماع المسلمين وكذا البيض ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية