الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1307 [ 661 ] وعن عائشة : أن الحولاء بنت تويت مرت بها ، وعندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : هذه الحولاء بنت تويت ، وزعموا أنها لا تنام الليل . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تنام الليل ! خذوا من العمل ما تطيقون ، فوالله ! لا يسأم الله حتى تسأموا .

                                                                                              رواه مسلم (785) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول علقمة : هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص شيئا من الأيام ؟ وجواب عائشة بنفي ذلك ، خرج على غير الصيام ; لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخص الإثنين والخميس بالصيام ، فتعين صرف حمله إلى غير ذلك .

                                                                                              وقولها : وأيكم يستطيع ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستطيع ؟ هذا يدل على شدة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من كثرة التكاليف ، والاجتهاد في الوفاء بها ; وذلك أنه كلف بتكاليف خاصة به ; كما خص به من الواجبات زيادة على ما ساوى فيه جميع المكلفين . ثم إنه قد كلف مراعاة مصالح أهل بيته ، ومصالح الخلق كلهم ، خاصة وعامة ، الدينية والدنيوية ، هذا بالنظر إلى ظاهر أمره ، وأما بالنظر إلى خواص باطنه ; فمما لا يدرك ، ولا يمكن وصفه ، وغاية العبارة عنه قوله : " إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية " ; ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - متواصل الأحزان ، والعبادات ، والمشقات ، [ ص: 415 ] ليست له راحة ، وقال في لفظ آخر : إني أخشاكم لله وأعلمكم بحدوده . وقد كان تتفطر قدماه من القيام ، ويجهد نفسه من الجوع ، ويربط على بطنه بالحجر والحجرين ، وكان ينتهي من إجهاد نفسه ، إلى أن يرق عليه وليه ، ويرحمه الناظر إليه .




                                                                                              الخدمات العلمية