الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 485 ] قوله ( وإذا أخذ في غسله ستر عورته ) على ما تقدم في حدها بلا نزاع ، إلا أن يكون صبيا صغيرا دون سبع فإنه يغسل مجردا بغير سترة ويجوز مس عورته .

فائدة : يستحب أن يبدأ في الغسل بمن يخاف عليه ، ثم الأقرب ، ثم الأفضل بعده على الصحيح من المذهب ، وقيل : يقدم عليه الأسن ، وأطلقهما في الفروع ، وأطلق الآجري يقدم الأخوف ، ثم الفقير ، ثم من سبق . قوله ( وجرده ) هذا الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، وغيرهم قال الخرقي : فإذا أخذ في غسله ستر من سرته إلى ركبته وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وابن تميم ، والنظم ، ومجمع البحرين ، والفائق ، والمغني ، والشرح ونصراه ، وغيرهم واختاره ابن أبي موسى ، والشيرازي ، وأبو الخطاب في الهداية ، وقال القاضي : يغسل في قميص واسع [ الكمين ] جزم به في الجامع الصغير ، والتعليق ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما ، وابن البنا وغيرهم .

قال في مجمع البحرين : اختاره القاضي وسائر أصحابه ، والمجد في شرحه ، وابن الجوزي ، انتهى ، وهو الذي ذكره ابن هبيرة عن الإمام أحمد ، وقال الإمام أحمد : يعجبني أن يغسل الميت وعليه ثوب ، يدخل يده من تحت الثوب فإن كان القميص ضيق الكمين : فتق الدخاريص فإن تعذر جرده قال في الفروع : اختاره جماعة ، وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين قال في البلغة : ولا ينزع قميصه إلا أن لا يتمكن فيفتق [ ص: 486 ] الكم ، أو رأس الدخاريص ، أو يجرده ويستر عورته ، وأطلقهما في المذهب قوله ( ويستر الميت عن العيون ) فيكون تحت ستر ، كسقف أو خيمة ونحو ذلك ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب ونقل أبو داود : يغسل في بيت مظلم . قوله ( ولا يحضر إلا من يعين في غسله ) ويكره لغيرهم الحضور مطلقا ، على الصحيح من المذهب ، وقال القاضي ، وابن عقيل : لوليه الدخول عليه كيف شاء ، وما هو ببعيد .

فائدتان . إحداهما : لا يغطى وجهه ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، ونقله الجماعة وظاهر كلام أبي بكر : أنه يسن ذلك ، وأومأ إليه ; لأنه ربما تغير لدم ، أو غيره فيظن به السوء ، ونقل حنبل : إن فعله أو تركه فلا بأس . الثانية : يستحب توجيهه في كل أحواله ، وكذا على مغتسله مستلقيا ، قاله في الفروع ، وقدمه ، وقال : ونصوصه يكون كوقت الاحتضار . قوله ( ثم يرفع رأسه برفق إلى قريب من الجلوس ، ويعصر بطنه عصرا رفيقا ، ويكثر صب الماء حينئذ ) يفعل به ذلك كل غسلة ، على الصحيح من المذهب وعنه لا يفعله إلا في الغسلة الثانية ، وعنه لا يفعله إلا في الثالثة .

تنبيه : مراد المصنف وغيره ممن أطلق : غير الحامل فإنه لا يعصر بطنها ، لئلا يؤذي الولد . صرح به ابن تميم ، وصاحب الحواشي ، وغيرهما .

[ قوله ( ثم يلف على يده خرقة وينجيه ) ، وصفته : أن يلفها على يده ، فيغسل بها أحد الفرجين ، ثم ينجيه ، ويأخذ [ ص: 487 ] أخرى للفرج الآخر ، وفي المجرد : يكفي خرقة واحدة للفرجين ، وحمل على أنها غسلت وأعيدت ] .

تنبيه : قوله ( ولا يحل مس عورته ولا النظر فيها ) يعني : إذا كان الميت كبيرا فإن كان صغيرا فقد تقدم قريبا . قوله ( ويستحب أن لا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ) ، وهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقال ابن عقيل : بدنه كله عورة إكراما له ، من حيث وجب ستر جميعه فيحرم نظره ، ولم يجز أن يحضره إلا من يعين على أمره ، وهو ظاهر كلام أبي بكر ، وقال في الغنية كقول الأصحاب ، مع أنه قال : جميع بدنه عورة ; لوجوب ستر جميعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية