الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أن هذا مثل آخر ذكره الله تعالى في حق من يتبع إنفاقه بالمن والأذى ، والمعنى أن يكون للإنسان جنة في غاية الحسن والنهاية ، كثيرة النفع ، وكان الإنسان في غاية العجز عن الكسب وفي غاية شدة الحاجة ، وكما أن الإنسان كذلك فله ذرية أيضا في غاية الحاجة ، وفي غاية العجز ، ولا شك أن كونه محتاجا أو عاجزا مظنة الشدة والمحنة ، وتعلق جمع من المحتاجين العاجزين به زيادة محنة على محنة ، فإذا أصبح الإنسان وشاهد تلك الجنة محرقة بالكلية ، فانظر كم يكون في قلبه من الغم والحسرة والمحنة والبلية ، تارة بسبب أنه ضاع مثل ذلك المملوك الشريف النفيس ، وثانيا بسبب أنه بقي في الحاجة والشدة مع العجز عن الاكتساب واليأس عن أن يدفع إليه أحد شيئا ، وثالثا بسبب تعلق غيره به ، ومطالبتهم إياه بوجوه النفقة ، فكذلك من أنفق لأجل الله ، كان ذلك نظيرا للجنة المذكورة وهو يوم القيامة ، كذلك الشخص العاجز الذي يكون كل اعتماده [ ص: 52 ] في وجوه الانتفاع على تلك الجنة ، وأما إذا أعقب إنفاقه بالمن أو بالأذى كان ذلك كالإعصار الذي يحرق تلك الجنة ، ويعقب الحسرة والحيرة والندامة ، فكذا هذا المال المؤذي إذا قدم يوم القيامة ، وكان في غاية الاحتياج إلى الانتفاع بثواب عمله ، لم يجد هناك شيئا فيبقى لا محالة في أعظم غم ، وفي أكمل حسرة وحيرة ، وهذا المثل في غاية الحسن ونهاية الكمال . ولنذكر ما يتعلق بألفاظ الآية :

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية