الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 87 ] قوله تعالى: وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين .

                                                                                                                                                                                                                                      استسقى بمعنى: استدعى ذلك ، كقولك: استنصر .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحجر قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه حجر معروف عين لموسى ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، وقتادة ، وعطية ، وابن زيد ، ومقاتل . واختلفوا في صفته على ثلاثة أقوال . أحدها: أنه كان حجرا مربعا ، قاله ابن عباس . والثاني: كان مثل رأس الثور ، قاله عطية . والثالث: مثل رأس الشاة ، قاله ابن زيد . وقال سعيد بن جبير : هو الذي ذهب بثياب موسى ، فجاءه جبريل فقال: إن الله تعالى يقول لك: ارفع هذا الحجر ، فلي فيه قدرة ، ولك فيه معجزة ، فكان إذا احتاج إلى الماء ضربه .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول الثاني: أنه أمر بضرب أي: حجر كان ، والأول أثبت .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فانفجرت منه .

                                                                                                                                                                                                                                      تقدير معناه: فضرب فانفجرت ، فلما عرف بقوله: "فانفجرت" أنه قد ضرب ، اكتفى بذلك عن ذكر الضرب . ومثله: أن اضرب بعصاك البحر فانفلق . [ الشعراء: 63 ] قاله الفراء . ولما كان القوم اثني عشر سبطا ، أخرج الله لهم اثني عشرة عينا ، ولأنه كان فيهم تشاحن فسلموا بذلك منه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تعثوا .

                                                                                                                                                                                                                                      العثو: أشد الفساد ، يقال: عثي ، وعثا ، وعاث . قال ابن الرقاع


                                                                                                                                                                                                                                      لولا الحياء وأن رأسي قد عثا فيه المشيب لزرت أم القاسم

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 88 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية