الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن ذكر أهله أنه أصابته جائحة أذهبته أو شيئا منه صدقوا فإن اتهموا حلفوا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا خرص الخارص ثمرة رجل وسلمها إليه أمانة أو مضمونة فادعى تلفها ، أو تلف شيء منها بجائحة سماء كبرد أو جراد أو جناية آدمي كسرقة أو حريق لم تخل دعواه من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعلم استحالتها وكذبها ، فلا تسمع بحال ، وتؤخذ منه الزكاة .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يعلم صدقها وحدوثها ، فهي مسموعة وقوله فيها مقبول ولا يمين عليه ، ولا زكاة ، سواء أخذها أمانة أو ضمانا : لأنه إن أخذها أمانة فالأمين لا يضمن إلا بالتعدي ، وإن أخذها مضمونة فالضمان لا يلزمه إلا بالتصرف ، وإنما لم يلزمه الضمان وإن شرط عليه إلا بالتصرف : لأن أصل الزكاة أمانة غير مضمونة ، وما كان أصله غير مضمون لم يلزم فيه الضمان بالشرط فإن قيل : ما الفائدة في ضمانه قلنا : جواز التصرف المؤدي إلى الضمان .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يكون ما ادعاه مجوزا لا يقطع بصدقه ولا كذبه فالقول قوله فيما ادعاه : لأنه أمين وما ادعاه ممكن به ، فإن اتهم أحلف وفي اليمين وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : استظهار ، فإن نكل عنها لم تؤخذ منه الزكاة .

                                                                                                                                            والثاني : واجبة فإن نكل عنها أخذت منه الزكاة بالوجوب المتقدم لا بالنكول فإذا ثبت أن دعواه مسموعة وقوله مقبول نظر ، فإن لم يبق من الثمرة شيء فلا مطالبة عليه ، وإن بقي بعضها نظر في البعض ، فإن كان نصابا ففيه الزكاة ، وإن كان أقل من نصاب فعلى قولين مبنيين على اختلاف قوليه في الإمكان هل هو من شرائط الضمان أو من شرائط الوجوب ؟ فإن قيل : هو من شرائط الضمان ففيه الزكاة ، وإن قيل : من شرائط الوجوب فلا زكاة ، ومن أصحابنا من قال : عليه زكاة ما بقي قولا واحدا ، وجعل وجوب الزكاة في الثمار معتبرا ببدو الصلاح دون الإمكان .

                                                                                                                                            [ ص: 228 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية