الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وحرم ) على الجيش ( بلا إذنه ) أي الأمير ( حدث ) أي إحداث أمر ( كتعلف واحتطاب ونحوهما ) كخروج من عسكر ( و ) ك ( تعجيل ) لقوله تعالى : { وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه } ولأن الأمير أعرف بحال الناس وحال العدو ( ولا ينبغي أن يأذن ) الأمير في ذلك ( بموضع علمه مخوفا ) نصا . فإن احتاج أحدهم إلى الخروج بعث معه من يحرسه [ ص: 635 ] ( وكذا براز ) بكسر الباء . فلا يجوز لأحد من الجيش بلا إذن الأمير ; لأنه أعلم بفرسانه وفرسان عدوه . وقد يبرز الإنسان لمن لا يطيقه فيعرض نفسه للهلاك ، فتنكسر قلوب المسلمين .

                                                                          وأما الانغماس في الكفار فيجوز بلا إذن ; لأنه يطلب الشهادة ولا يترقب منه ظفر ولا مقاومة ، بخلاف المبارزة فتتعلق به قلوب الجيش ويرتقبون ظفره ( فلو طلبه ) أي البراز ( كافر سن لمن يعلم ) من نفسه ( أنه كفء له برازه بإذن الأمير ) لفعل حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وغيرهم . وبارز البراء بن مالك مرزبان الدارة فقتله وأخذ سلبه فبلغ ثلاثين ألفا ; ولأن فيه إظهارا لقوة المسلمين وجلدهم على الحرب . فإن لم يعلم من نفسه المكافأة لطالب البراز كرهت إجابته لئلا يقتل فيكسر قلوب المسلمين وإذا شرط ) كافر طلب البراز لا يقاتله غير خصمه لزم لقوله تعالى : { أوفوا بالعقود } وحديث { المؤمنون عند شروطهم } ( أو كانت العادة ) جارية ( أن لا يقاتله غير خصمه لزم ) ذلك ; لجريانها مجرى الشرط .

                                                                          ويجوز رميه وقتله قبل المبارزة ; لأنه لا عهد له ولا أمان . وتباح دعوى المسلم الواثق من نفسه بالقوة والشجاعة . ولا تستحب لعدم الحاجة إليها ( فإن انهزم المسلم ) المجيب لطالب البراز والداعي إليه ( أو ثخن ) بجراح ( فلكل مسلم الدفع عنه والرمي ) للكافر المبارز لانقضاء قتال المسلم معه . والأمان إنما كان حال البراز - قد زال - وأعان حمزة وعلي عبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة حين أثخن عبيدة . وإن أعان الكفار صاحبهم فعلى المسلمين عون صاحبهم وقتال من أعان عليه دون المبارز ; لأنه ليس بسبب من جهته . فإن استنجدهم أو علم منه الرضا بفعلهم انتقض أمانه وجاز قتله

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية