الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 281 ] سؤال منظوم

في تحريم نكاح المحلل وبطلانه وجوابه

[ ص: 282 ] كتاب فيه سؤال نظم في تحريم نكاح المحلل وبطلانه، لشيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه وأرضاه وقدس روحه ونور ضريحه، على التمام والكمال، وأجاب عنها رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر

سؤال نظم في تحريم نكاح المحلل وبطلانه، وفي حكم ساب أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومبغضه، أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه.


أيها العالم الفقيه المؤيد أفتنا سيدي بمذهب أحمد     رجل يدعي الفضائل جمعا
ويرى أنه بفقه مسدد     حرم البيع للعقار بنقد
وبعقد إلى النسيئة يقصد     بعد بيع ومشترى ثم تسليـ
ـم وبعد الفراق والعرف يعقد     وأجاز النكاح في نية التحـ
ـليل من أعبد بقصد مجرد     ثم من عابري سبيل ومملو
ك صغير وفعل ذا قد تأكد     أي ما عندكم يكون جديرا
تركه منهما حريا مقيد     أفأخطا وهذه الحال حقا
أم أصاب الفقيه فيما تعمد؟     أفتنا يا إمام كل إمام
بعده والمقيم شرع محمد     بك يا أحمد الخليقة أضحت
جلق أحمد الأماكن أحمد     ثم ماذا تقول في مسلم قا
م بشرط الإسلام ثم تجرد     لأبي بكر الخليفة بالبغضا
ء والسب هل بنار يخلد؟ [ ص: 284 ]     أم عليه العقاب يقطع حتى
يأذن الله بالخروج ويسعد؟     وإذا باح بالمسبة هل يقـ
ـتل شرعا وبيننا قد يلحد؟     أم بفرط النكال يمنع والتعـ
ـزير أولى أم عن أذاه يفند؟     فاشفنا بالجواب أيدك الـ
ـله وأولاك أنعما ثم أمجد     وحباك المزيد بالقرب منه
ورضاه على الدوام مجدد

* * *

صفة جواب شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه عن هذا الاستفتاء:


أيها السائل المريد بيانا     بالهدى والسداد كي يتأيد
إن فرضا على الأنام جميعا     طاعة الله والرسول محمد
وأولي الأمر من ذوي العلم والسيـ     ـف في طاعة الرسول المؤيد
وإذا أجمعوا فهم لن يضلوا     نهج المؤمنين نهج مسدد
وإذا ما تنازعوا فإلى اللـ     ـه والرسول المرد في كل مقصد
خير قول مقال رب البرايا     وخيار السبيل سنة أحمد
وهدى الله بالكتاب وبالسنـ     ـنة والإجماع من خير قرن وأرشد
قد أتى بالتحقيق فيما سألتم     وأبان الهدى لمن كان يقصد
لعن الله تيس غي معارا     ذا سفاح وللخداع تعمد
قاصدا للتحليل في صورة التز     ويج شبيه السموم في جوف أسود
والذي طلق الثلاث جميعا     شارك التيس لا بعقد مؤكد
[ ص: 285 ] حيث باءا بلعنة الله طرا     في حديث عن سيد الخلق أحمد
أن يراجع ذات الطلاق بتحليـ     ـل وذلك التيس الاسفد
فالذي حرم السفاح وإن خا     دع من أظهر النكاح المجدد
حرم الظلم مثل أكلك مال الـ     ـغير بالباطل الذي لا يسدد
كالربا والقمار ذما جميعا     والترابي فوق القمار وأفسد
ولقد قال خاتم الرسل قولا     فيه فصل في كل قول ومقصد
حيث رد الأعمال طرا إلى النيـ     ـيات كي يتبع الرشاد ويقصد
فإذا ما قصدت قصد المرابي     لعقود لغير ذلك تعقد
فلقد بؤت بالربا مع خداع     لإله الخلق الذي هو يعبد
مثل بيعين يعقدان لبيع     أو كقرض مع المحاباة يعمد
في بيوع أو في إجارة بيع     أو قراض على الذي هو ينقد
وكذاك الشخص المحل حراما     بين هذين أجل نيل مزهد
ثالث القوم في الربا الحطا     م هو فيه شبه الذي يتقود
وكذا كاتب الوثيقة أيضا     رابع القوم في كلام المؤيد
لعن المصطفى لآكل فضل     ولمعطيه والشروطي يشهد
[ ص: 286 ] وإذا ما تواطؤوا قبل عقد     أن يعاد المبيع بالبيع يعقد
فهما بائعان بيعين في بيـ     ـع وذا ظاهر لمن قد تعود
فلشاريه منهما أوكس البيـ     ـعين وذاك للربا قد تعمد
هكذا قال صاحب الشرع والمنـ     ـهاج خاتم المرسلين طرا محمد
لكن الذم والعقاب جميعا     من الشارع الإله الموحد
هو في حق من يبوء بذنب     بعد سمع الشرع العظيم المسدد
دون أهل الأعذار مثل إمام     تابع للهدى وللحق يعمد
قال قولا عن اجتهاد مباح     خفيت عنه بعض سنة أحمد
وكذاك الذي تقلد هذا     مع ترك الهوى وعجز عن الرد
إذ وجوب المقال والفعل جمعا     هو بالوسع في الكتاب مقيد
كل ما حرم الإله علينا     فخبيث والظلم في ذاك أوكد
إذ لأجل الإقساط والعدل فينا     أرسل الله صفوة الخلق أحمد
وكذا المرسلون من قبل جاؤوا     ليقوم القسط القويم المسدد
ولهذا كان العقاب عظيما     لمعادي رب العباد الموحد
ومعادي وليه بارز الـ     ـله تعالى بالحرب منه وأفسد
مثل ما آذن الإله لمرب     بحراب وبالعذاب الموصد
فالشقي الذي يحارب من هم     أفضل الأولياء طرا وأحمد
هو شر حالا وأعظم حربا     ولحرب الإله أولى وأوكد
[ ص: 287 ] فقتال المحاربين كهذا     واجب باتفاق أمة أحمد
ثم قتل الفرد الذي يظهر القو     ل برفض أو بالخروج المفند
هو قتل لأجل ترك فساد     ومروق عن محض دين محمد
وهو أولى القولين من علماء الد     دين وأدنى إلى الصواب وأرشد
وبه جاءت الأثارة عن مثـ     ـل علي وهو الإمام المسدد
لكن القتل لا يجوز لمخف     مستسر وبالهدى هو يشهد
ومقال الأقوام شر مقال     وهو كفر من شر كفر وأجحد
لكن الكفر في حقوق أناس     دخلوا في عموم من يتشهد
ضل عنهم ما جاء عن خاتم الرسـ     ـل من الوحي والبيان المؤيد
خطأ منهم وزيغ عن الحقـ     ق وجهل وسوء رأي مفند
فإذا لم تقم عليهم حجة اللـ     ـه فهم عن عقوبة الله بعد
إذ مضى حكم خالق الخلق جمعا     في الكتاب الذي به جاء أحمد
أنه لا يعذب الخلق إلا     بعد بعث الرسل الكرام ليعبد
وله الحمد إذ هدانا إلى الديـ     ـن دينه الكامل القويم المسدد
وعلى خاتم النبيين منا     صلوات مع السلام المسرمد

وهذا آخر الاستفتاء والجواب، والحمد لله الملك الوهاب. [ ص: 288 ]

قال ابن سونج: قابلته بنسخة مقروءة على المجيب، وعليها خطه، على يد أحمد الزهري.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية