الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
940 [ ص: 263 ] حديث رابع لعبد الرحمن بن القاسم

مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا ، قالت : فقدمت مكة وأنا حائض ، فلم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ، ودعي العمرة ، قالت : ففعلت ، فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت ; فقال : هذه مكان عمرتك ، فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ، وأما الذين كانوا أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة ، فإنما طافوا طوافا واحدا .

التالي السابق


هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، ولم يتابعه عليه أحد فيما علمت من رواة الموطأ ، وإنما هذا الحديث في الموطأ عند جماعة الرواة عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة - هكذا بهذا الإسناد ، وهو عند يحيى بهذا الإسناد كذلك أيضا ، وبإسناد آخر عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، [ ص: 264 ] عن عائشة ، فانفرد يحيى لهذا الحديث بهذا الإسناد ، وحمل عنده هذا الحديث بهذين الإسنادين عن مالك في الموطأ ، وليس ذلك عند أحد غيره في الموطأ - والله أعلم - .

وقد تقدم ذكرنا لذلك في باب ابن شهاب ، وقد يجوز ويحتمل أن يكون عند مالك في هذا الحديث إسنادان ، فيدخل الحديث في موطئه بإسناد واحد منهما ، ثم رأى أن يردف الإسناد الآخر إذ ذكره أو نشط إليه ، فأفاد بذلك يحيى ، وكان يحيى من آخر من عرض عليه الموطأ ، ولكن أهل العلم بالحديث يجعلون إسناد عبد الرحمن بن القاسم في هذا الحديث خطأ لانفراد واحد به عن الجماعة .

وأما قوله : انقضي رأسك وامتشطي ، فهذا لم يقله أحد عن عائشة غير عروة ، لا القاسم ولا غيره ، وقد أوضحنا ذلك كله في باب ابن شهاب عن عروة من هذا الكتاب .

وأما معاني هذا الحديث فقد مضى القول فيها في باب ابن شهاب ، عن عروة من هذا الكتاب ، والحمد لله كثيرا .




الخدمات العلمية