الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا حرم طعامه وقوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم وقوله لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم

                                                                                                                                                                                                        6313 حدثنا الحسن بن محمد حدثنا الحجاج عن ابن جريج قال زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول سمعت عائشة تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقال لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إن تتوبا إلى الله لعائشة وحفصة وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله بل شربت عسلا و قال لي إبراهيم بن موسى عن هشام ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        " 9957 [ ص: 583 ] قوله باب إذا حرم طعاما ) في رواية غير أبي ذر " طعامه " وهذا من أمثلة نذر اللجاج ، وهو أن يقول مثلا طعام كذا أو شراب كذا علي حرام أو نذرت أو لله علي أن لا آكل كذا أو لا أشرب كذا والراجح من أقوال العلماء أن ذلك لا ينعقد إلا إن قرنه بحلف فيلزمه كفارة يمين

                                                                                                                                                                                                        قوله وقوله - تعالى - ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ) وزاد غير أبي ذر " إلى قوله تحلة أيمانكم " وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك في كتاب الطلاق وهل نزلت الآية في تحريم مارية أو في تحريم شرب العسل وإلى الثاني أشار المصنف حيث ساقه في الباب ويؤخذ حكم الطعام من حكم الشراب قال ابن المنذر : اختلف فيمن حرم على نفسه طعاما أو شرابا يحل فقالت طائفة لا يحرم عليه وتلزمه كفارة يمين وبهذا قال أهل العراق . وقالت طائفة لا تلزمه الكفارة إلا إن حلف وإلى ترجيح هذا القول أشار المصنف بإيراد الحديث لقوله وقد حلفت وهو قول مسروق والشافعي ومالك ، لكن استثنى مالك المرأة فقال تطلق قال إسماعيل القاضي : الفرق بين المرأة والأمة أنه لو قال امرأتي علي حرام فهو فراق التزمه فتطلق ولو قال لأمته من غير أن يحلف فإنه ألزم نفسه ما لم يلزمه فلا تحرم عليه أمته قال الشافعي : لا يقع عليه شيء إذا لم يحلف إلا إذا نوى الطلاق فتطلق أو العتق فتعتق وعنه يلزمه كفارة يمين

                                                                                                                                                                                                        قوله وقوله - تعالى - : لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) كأنه يشير إلى ما أخرجه الثوري في جامعه وابن المنذر من طريقه بسند صحيح عن ابن مسعود أنه جيء عنده بطعام فتنحى رجل فقال إني حرمته أن لا آكله فقال إذن فكل وكفر عن يمينك ثم تلا هذه الآية إلى قوله : لا تعتدوا قال ابن المنذر : وقد تمسك بعض من أوجب الكفارة ولو لم يحلف بما وقع في حديث أبي موسى في قصة الرجل الجرمي والدجاج وتلك رواية مختصرة وقد ثبت في بعض طرقه الصحيحة أن الرجل قال حلفت أن لا آكله . قلت وقد أخرجه الشيخان في الصحيحين كذلك

                                                                                                                                                                                                        " 9958 قوله حدثنا الحسن بن محمد هو الزعفراني والحجاج بن محمد هو المصيصي .

                                                                                                                                                                                                        قوله في آخر الباب زعم عطاء ) وقع في رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن حجاج قال قال ابن جريج عن عطاء وكذا في رواية هشام بن يوسف المذكورة في آخر الباب

                                                                                                                                                                                                        قوله في آخر الباب فنزلت ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ، إن تتوبا إلى الله لعائشة وحفصة . وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله بل شربت عسلا قلت أشكل هذا السياق على بعض من لم يمارس طريقة البخاري في الاختصار وذلك أن الحديث في الأصل عنده بتمامه كما تقدم [ في التفسير والنكاح والطلاق ] فلما أراد اختصاره هنا اقتصر منه على الكلمات التي تتعلق باليمين من الآيات مضيفا لها تسمية من [ ص: 584 ] أبهم فيها من آدمي وغيره فلما ذكر إن تتوبا فسرهما بعائشة وحفصة ولما ذكر أسر حديثا فسره بقوله : لا بل شربت عسلا "

                                                                                                                                                                                                        قوله وقال إبراهيم بن موسى ) كذا لأبي ذر ولغيره " قال لي إبراهيم بن موسى " وقد تقدم في التفسير بلفظ " حدثنا إبراهيم بن موسى "

                                                                                                                                                                                                        قوله عن هشام هو ابن يوسف وصرح به في التفسير وقد اختصر هنا بعض السند ومراده أن هشاما رواه عن ابن جريج بالسند المذكور والمتن إلى قوله : ولن أعود " فزاد له " وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا "




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية