الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويصلي الإمام بهم ركعتين مثنيا قبل الزوائد ، وهي ثلاث تكبيرات في كل ركعة ) ولو زاد تابعه [ ص: 173 ] إلى ستة عشر لأنه مأثور ، لا أن يسمع من المكبرين فيأتي بالكل ( ويوالي ) ندبا ( بين القراءتين ) ويقرأ كالجمعة

التالي السابق


( قوله ويصلي الإمام بهم إلخ ) ويكفي في جماعتها واحد كما في النهر ط ( قوله : مثنيا قبل الزوائد ) أي قارئا الإمام وكذا المؤتم الثناء قبلها في ظاهر الرواية لأنه شرع في أول الصلاة إمداد ; وسميت زوائد لزيادتها عن تكبيرة الإحرام والركوع وأشار إلى أن التعوذ يأتي به الإمام بعدها لأنه سنة القراءة ( قوله وهي ثلاث تكبيرات ) هذا مذهب ابن مسعود وكثير من الصحابة ، ورواية عن ابن عباس وبه أخذ أئمتنا الثلاثة ، وروي عن ابن عباس أنه يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية ستا ، وفي رواية : خمسا منها ثلاثة أصلية ، وهي تكبيرة الافتتاح وتكبيرتا الركوع والباقي زوائد في الأولى خمس ، وفي الثانية خمس أو أربع ، ويبدأ بالتكبير في كل ركعة قال في الهداية : وعليه عمل العامة اليوم لأمر الخلفاء من بني العباس به والمذهب الأول ا هـ . مطلب تجب طاعة الإمام فيما ليس بمعصية

قال في الظهيرية : وهو تأويل ما روي عن أبي يوسف ومحمد فإنهما فعلا ذلك لأن هارون أمرهما أن يكبرا بتكبير جده ففعلا ذلك امتثالا له لا مذهبا واعتقادا قال في المعراج لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجبة ا هـ ومنهم من جزم بأن ذلك رواية عنهما بل في المجتبى وعن أبي يوسف أنه رجع إلى هذا ثم ذكر غير واحد من المشايخ أن المختار العمل برواية الزيادة أي زيادة تكبيرة في عيد الفطر وبرواية النقصان في عيد الأضحى عملا بالروايتين وتخفيفا في عيد الأضحى لاشتغال الناس بالأضاحي . وقيل : تعجيلا لحق الفقراء فيها بقدر تكبيرة ، وتمامه في الحلية وحمل الشافعي جميع التكبيرات المروية عن ابن عباس على الزوائد ، وهذا خلاف ما حملناه عليه والمذهب عندنا قول ابن مسعود ، وما ذكروا من عمل العامة بقول ابن عباس لأمر أولاده من الخلفاء به كان في زمنهم أما في زماننا فقد زال فالعمل الآن بما هو المذهب عندنا كذا في شرح المنية وذكر في البحر أن الخلاف في الأولوية ونحوه في الحلية . مطلب أمر الخليفة لا يبقى بعد موته [ تنبيه ]

يؤخذ من قول شرح المنية كان في زمنهم إلخ أن أمر الخليفة لا يبقى بعد موته أو عزله كما صرح به في الفتاوى الخيرية وبني عليه أنه لو نهى عن سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يبقى نهيه بعد موته ، والله أعلم ( قوله : ولو زاد تابعه إلخ ) لأنه تبع لإمامه فتجب عليه متابعته وترك رأيه برأي الإمام لقوله عليه الصلاة والسلام { إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } فما لم يظهر خطؤه بيقين كان اتباعه واجبا ولا يظهر الخطأ في المجتهدات فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين فلا يلزمه اتباعه ولهذا لو اقتدى بمن يرفع يديه عند الركوع أو بمن يقنت في الفجر أو بمن يرى تكبيرات الجنازة خمسا لا يتابعه لظهور خطئه بيقين لأن ذلك كله منسوخ بدائع .

[ ص: 173 ] أقول : يؤخذ منه أن الحنفي إذا اقتدى بشافعي في صلاة الجنازة يرفع يديه لأنه مجتهد فيه فهو غير منسوخ لأنه قد قال به أئمة بلخ من الحنفية وسيأتي تمامه في الجنائز وقدمناه في أواخر بحث واجبات الصلاة ( قوله إلى ستة عشر ) كذا في البحر عن المحيط . وفي الفتح قيل : يتابعه إلى ثلاث عشرة ، وقيل إلى ست عشرة . ا هـ .

قلت : ولعل وجه القول الثاني حمل الثلاث عشرة المروية عن ابن عباس على الزوائد كما مر عن الشافعي وهي مع الثلاث الأصلية تصير ست عشرة وإلا لم أر من قال بأن الزوائد ست عشرة فليراجع ، وقد راجعت مجمع الآثار للإمام الطحاوي فلم أر فيما ذكره من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين أكثر مما مر عن ابن عباس فهذا يؤيد القول الأول ولذا قدمه في الفتح ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ على أن ضم الثلاث الأصلية إلى الزوائد بعيد جدا لأن القراءة فاصلة بينهم فتأمل ( قوله فيأتي بالكل ) قال في البحر نقلا عن المحيط فإن زاد لا يلزمه متابعته لأنه مخطئ بيقين ، ولو سمع التكبيرات من المكبرين يأتي بالكل احتياطا وإن كثر لاحتمال الغلط من المكبرين ، ولذا قيل : ينوي بكل تكبيرة الافتتاح لاحتمال التقدم على الإمام في كل تكبيرة . ا هـ .

قلت : والظاهر أنه عبر عنه ب قيل لضعفه ; ولذا لم يذكره الشارح فإنه يقتضي أن من لم يسمع من الإمام ينوي الافتتاح بالثلاث أيضا وإن لم يزد عليها ، فإن احتمال الغلط والتقدم موجود في الكل لا في خصوص الزائد على المأثور في الركعة الأولى فتأمل وسيأتي في صلاة الجنازة أنه ينوي فيها الافتتاح بكل تكبيرة أيضا ويأتي تمام البحث فيه ( قوله ويوالي ندبا بين القراءتين ) أي بأن يكبر في الركعة الثانية بعد القراءة لتكون قراءتها تالية لقراءة الركعة الأولى ، أما لو كبر في الثانية قبل القراءة أيضا كما يقول ابن عباس يكون التكبير فاصلا بين القراءتين ، وأشار بقوله : ندبا إلى أنه لو كبر في أول كل ركعة جاز ; لأن الخلاف في الأولوية كما مر عن البحر . هذا ، وأما ما في المحيط من التعليل للموالاة بأن التكبيرات من الشعائر ; ولهذا وجب الجهر بها فوجب ضم الزوائد في الأولى إلى تكبيرة الافتتاح لسبقها على تكبيرة الركوع وإلى تكبيرة الركوع في الثانية لأنها الأصل فقد قال في البحر : الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا المصطلح عليه لأن الموالاة مستحبة ا هـ وكذا قوله وجب الجهر بها : أي ثبت في بعض المواضع كما في الأذان والتكبير في طريق المصلى وتكبير التشريق ، وأما الجهر في تكبيرات الزوائد فالظاهر استحبابه للإمام فقط للإعلام فتأمل .

لكن في البحر عن المحيط إن بدأ الإمام بالقراءة سهوا فتذكر بعد الفاتحة والسورة يمضي في صلاته ، وإن لم يقرأ إلا الفاتحة كبر وأعاد القراءة لزوما لأن القراءة إذا لم تتم كان امتناعا من الإتمام لا رفضا للفرض ا هـ ونحوه في الفتح وغيره وظاهره أن تقديم الكبير على القراءة واجب ، وإلا لم ترفض الفاتحة لأجله يؤيده ما قدمناه في باب صفة الصلاة من أنه إن كبر وبدأ بالقراءة ونسي الثناء والتعوذ والتسمية لا يعيد لفوت محلها . وقد يجاب بأن العود إلى التكبير قبل إتمام القراءة ليس لأجل المستحب الذي هو الموالاة بل لأجل استدراك الواجب الذي هو التكبير لأنه لم يشرع في الركعة الأولى بعد القراءة بدليل أنه لو تذكره بعد قراءة السورة يتركه فكان مثل ما لو نسي الفاتحة ، وشرع في السورة ثم تذكر يترك السورة ، ويقرأ الفاتحة لوجوبها بخلاف الثناء والتعوذ والتسمية ، والله أعلم ( قوله : ويقرأ كالجمعة ) أي كالقراءة في صلاة الجمعة ، لما روى أبو حنيفة { أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة الأعلى والغاشية } كما في الفتح . وقال في البدائع فإن تبرك بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم في قراءتهما في أغلب الأوقات فحسن لكن يكره أن يتخذهما حتما لا يقرأ فيها غيرهما لما ذكرنا في الجمعة ا هـ ويجهر بالقراءة كما ذكره في فصل القراءة وصرح به في البحر هنا




الخدمات العلمية