الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من يستحب أن يدفن المرأة

                                                                                                                                            1475 - ( عن أنس قال : { شهدت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تدفن وهو جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة : أنا ، قال : فانزل في قبرها ، فنزل في قبرها } رواه أحمد والبخاري ولأحمد عن أنس أن رقية لما ماتت قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يدخل القبر رجل قارف الليلة أهله } ، فلم يدخل عثمان بن عفان القبر )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هي أم كلثوم زوج عثمان ، رواه الواقدي عن طليح بن سليمان ، وبهذا الإسناد أخرجه ابن سعد في الطبقات في ترجمة أم كلثوم ، وكذا الدولابي في الذرية الطاهرة ، والطبري والطحاوي من هذا الوجه .

                                                                                                                                            ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية كما ذكره المصنف عن أحمد ، وكذلك أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط والحاكم في المستدرك قال البخاري : ما أدري ما هذا ؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها قال الحافظ : وهم حماد في تسميتها فقط ويؤيد أنها أم كلثوم ما رواه ابن سعد أيضا في ترجمة أم كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت : نزل في حفرتها أبو طلحة وأغرب الخطابي فقال : هذه البنت كانت لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم فنسبت إليه .

                                                                                                                                            قوله : ( لم يقارف ) بقاف وفاء ، زاد ابن المبارك عن فليح " أراه " يعني الذنب ذكره البخاري في باب من يدخل قبر المرأة تعليقا ، ووصله الإسماعيلي ، وكذا قال شريح بن النعمان عن فليح أخرجه أحمد عنه

                                                                                                                                            وقيل معناه : لم يجامع تلك الليلة ، وبه جزم ابن حزم قال : معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يذنب تلك الليلة انتهى .

                                                                                                                                            ويقويه أن في رواية ثابت المذكور بلفظ : { لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة } فتنحى عثمان . وقد استبعد أن يكون عثمان جامع تلك الليلة التي حدث [ ص: 106 ] فيها موت زوجته لحرصه على مراعاة الخاطر الشريف

                                                                                                                                            وأجيب عنه باحتمال أن يكون مرض المرأة طال واحتاج عثمان إلى الوقاع ولم يكن يظن موتها تلك الليلة ، وليس في الخبر ما يقتضي أنه واقع بعد موتها بل ولا حين احتضارها والحديث يدل على أنه يجوز أن يدخل المرأة في قبرها الرجال دون النساء لكونهم أقوى على ذلك ، وأنه يقدم الرجال الأجانب الذين بعد عهدهم بالملاذ في المواراة على الأقارب الذين قرب عهدهم بذلك كالأب والزوج . وعلل بعضهم تقدم من لم يقارف بأنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة .

                                                                                                                                            وحكي عن ابن حبيب أن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة فتلطف صلى الله عليه وسلم في منعه من النزول قبر زوجته بغير تصريح ووقع في رواية حماد المذكورة " فلم يدخل عثمان القبر " وفي الحديث أيضا جواز الجلوس على شفير القبر وجواز البكاء بعد الموت وحكى ابن قدامة عن الشافعي أنه يكره لخبر { فإذا وجب فلا تبكين باكية } يعني إذا مات ، وهو محمول على الأولوية .

                                                                                                                                            والمراد أنها لا ترفع صوتها بالبكاء ، ويمكن الفرق بين النساء والرجال في ذلك ; لأن بكاء النساء قد يفضي إلى ما لا يحل من النوح لقلة صبرهن .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية