الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون (50) يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون (51) ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين (52) قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين (53) إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون (54) من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون (55) إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم (56) فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ (57) ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ (58) وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد (59) وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود (60) وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب (61) قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب (62) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير .تخسير (63) ويا قوم هذه [ ص: 1895 ] ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب (64) فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب (65) فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز (66) وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (67) كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود (68)

                                                                                                                                                                                                                                      مضى قوم نوح في التاريخ، الأكثرون المكذبون طواهم الطوفان وطواهم التاريخ; واستبعدوا من الحياة ومن رحمة الله سواء، والناجون استخلفوا في الأرض تحقيقا لسنة الله ووعده: إن العاقبة للمتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد كان وعد الله لنوح: يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم .. فلما دارت عجلة الزمن ومضت خطوات التاريخ جاء وعد الله. وإذا عاد من نسل نوح الذين تفرقوا في البلاد - ومن بعدهم ثمود - ممن حقت عليهم كلمة الله: وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم .

                                                                                                                                                                                                                                      لقد عادت الجاهلية مرة أخرى كما عادت من قبل بعد أجيال لا يعلمها إلا الله من المسلمين من ذرية آدم.. فلا بد أن أجيالا من ذرية آدم بعد استخلافه في الأرض قد ولدت مسلمة وعاشت بالإسلام الذي كان عليه أبواهم. حتى اجتالتهم الشياطين عن دينهم، وانحرفت بهم إلى الجاهلية التي واجهها نوح - عليه السلام - ثم جاء نوح فنجا معه من نجا من المسلمين، وأهلك الباقون ولم يعد على الأرض من الكافرين ديار - كما دعا نوح ربه. ولا بد أن أجيالا كثيرة من ذرية نوح عاشت بالإسلام بعده.. حتى اجتالتهم الشياطين مرة أخرى فانحرفوا كذلك إلى الجاهلية. وكانت عاد وكانت ثمود بعدها من أمم الجاهلية..

                                                                                                                                                                                                                                      فأما عاد فكانوا قبيلة تسكن الأحقاف (والحقف كثيب الرمل المائل) في جنوب الجزيرة العربية، وأما ثمود فكانت قبيلة تسكن مدائن الحجر في شمال الجزيرة بين تبوك والمدينة وبلغت كل منهما في زمانها أقصى القوة والمنعة والرزق والمتاع.. ولكن هؤلاء وهؤلاء كانوا ممن حقت عليهم كلمة الله، بما عتوا عن أمر الله، واختاروا الوثنية على التوحيد، والدينونة للعبيد على الدينونة لله، وكذبوا الرسل شر تكذيب. وفي قصصهم هنا مصداق ما في مطلع السورة من حقائق وقضايا كقصة نوح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية