الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                589 ص: فإن عارض في ذلك معارض بما حدثنا فهد ، قال: نا أحمد بن يونس ، قال: أنا زهير ، قال: نا جابر ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة قالت: " ما أتى رسول الله - عليه السلام - الخلاء إلا توضأ حين يخرج وضوءه للصلاة". .

                                                قالوا: فهذا يدل على فساد ما رويتموه عن عائشة: " أن رسول الله - عليه السلام - كان يذكر الله على كل أحيانه".

                                                قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون كان يتوضأ إذا خرج من الخلاء، ولا يتوضأ إذا بال، فيكون ذلك الحين حين حدث قد كان يذكر الله فيه، فيكون معنى قولها: "كان يذكر الله في كل أحيانه" أي في حين طهارته وحدثه، حتى لا تتضاد الآثار، مع أنه قد خالف ذلك حديث ابن عباس، عن رسول الله - عليه السلام - لما قال: "أأريد الصلاة فأتوضأ"، فدل ذلك على أنه لم يكن يتوضأ إلا وهو يريد الصلاة، فقد يحتمل أن يكون ما حضرت منه عائشة من الوضوء عند خروجه إنما هو لإرادته الصلاة لا للخروج من الخلاء، ويحتمل أيضا أن يكون ذلك إخبارا منها عما كان يفعل قبل نزول الآية، وما في حديث خالد بن سلمة إخبارا منهما ما كان يفعل بعد نزول الآية، حتى يتفق ما روي عنها وما روي عن غيرها، ولا يتضاد من ذلك شيئا.

                                                التالي السابق


                                                ش: بيان المعارضة: أن حديث الأسود ، عن عائشة يدل على أن الذكر وقراءة القرآن لا بد لهما من الطهر، وأنه أيضا يدل على فساد ما روي عنها: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يذكر الله على كل أحيانه" وذلك للتعارض بينهما ظاهرا، والعمل بحديث الأسود أولى، حملا لحال الرسول - عليه السلام - على أكمل الأحوال، والجواب عنها ظاهر.

                                                [ ص: 241 ] قوله: "مع أنه قد خالف ذلك" أي مع أن الشأن: قد خالف حديث الأسود حديث ابن عباس .

                                                قوله: "قبل نزول الآية" أي آية الوضوء، وأراد بحديث خالد بن سلمة هو الحديث الذي رواه عن عروة، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - عليه السلام - يذكر الله على كل أحيانه" ورجال حديث الأسود عن عائشة ثقات إلا أن في جابر بن يزيد الجعفي مقالا [1\ق149-ب] وأحمد بن يونس: الضبي، قال الدارقطني: صدوق ثقة. وزهير: ابن معاوية ، والأسود: ابن يزيد بن قيس .




                                                الخدمات العلمية