الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                12378 باب بيان مصرف أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنها تجعل حيث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجعل فضول غلات تلك الأموال مما فيه صلاح الإسلام وأهله وأنها لم تكن موروثة عنه

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ، أنا أبو المثنى ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ومحمد بن هارون الأزدي ( ح قال : وأخبرني ) دعلج بن أحمد السجزي وأبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ومحمد بن جعفر المزكي قالوا : ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي قالوا : ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، ثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن شهاب الزهري أن مالك بن أوس بن الحدثان حدثه قال : أرسل إلي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجئته حين تعالى النهار ، فقال : فوجدته في بيته جالسا على سرير ، مفضيا إلى رماله ، متكئا على وسادة من أدم ، فقال لي : يا مال ، إنه قد دف أهل أبيات من قومك ، وقد أمرت فيهم برضخ ، فخذه فاقسمه بينهم ، فقلت : لو أمرت بهذا غيري . قال : خذه يا مال ، قال : فجاء يرفأ ، فقال : هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد ؟ قال عمر : نعم ، فائذن لهم ، فدخلوا ، ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي ؟ قال : نعم ، فأذن لهما ، قال عباس : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال بعض القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرحهم ، قال مالك بن أوس : فخيل إلي أنهم كانوا قدموهم لذلك ، قال عمر : أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، وأن ما تركنا صدقة ؟ قالوا : نعم ، ثم أقبل على عباس وعلي - رضي الله عنهما - فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، وأن ما تركنا صدقة ؟ . قالا : نعم . قال عمر : فإن الله تبارك وتعالى كان خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخاصة ، لم يخص بها أحدا غيره ، قال : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ) - ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا ؟ - قال : فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكم النضير ، فوالله ما استأثر عليكم ، ولا أخذها دونكم ، حتى بقي هذا المال ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ منه نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي أسوة المال ، ثم قال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض [ ص: 298 ] أتعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم نشد عباسا وعليا - رضي الله عنهما - بمثل ما نشد به القوم ، أتعلمان ذلك ؟ قالا : نعم . قال : فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا نورث ، ما تركنا صدقة . فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر فقلت : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولي أبي بكر - رضي الله عنه - فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم أني صادق بار راشد تابع للحق ، فوليتها ، ثم جئتني أنت وهذا ، وأنتما جميع ، وأمركما واحد ، فقلتما : ادفعها إلينا ، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيه بالذي كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذتماها بذلك ، فقال : أكذلك ؟ قالا : نعم ، ثم جئتماني لأقضي بينكما ، ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فرداها إلي . رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن أسماء ورواه البخاري عن إسحاق بن محمد الفروي ، عن مالك .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية