الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 385 ] كتاب الصداق .

1671 - ( 1 ) - حديث أنس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران ، فقال : مهيم ؟ . قال : تزوجت امرأة من الأنصار ، فقال : ما أصدقتها ؟ . فقال : وزن نواة من ذهب ، وفي رواية : على نواة من ذهب ، فقال : بارك الله لك أولم ولو بشاة }. متفق عليه وله طرق في الصحيحين والسنن .

قوله : إنه قال في الخبر المشهور : { فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها }. تقدم في باب أركان النكاح .

1672 - ( 2 ) - قوله : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { أدوا العلائق ، قيل : وما العلائق ؟ قال : ما تراضى به الأهلون }. الدارقطني ، والبيهقي من حديث ابن عباس بلفظ : { انكحوا الأيامى وأدوا العلائق }. - الحديث - وزاد في [ ص: 386 ] آخره : { ولو بقضيب من أراك }. وإسناده ضعيف جدا ، فإنه من رواية محمد بن عبد الرحمن البيلماني ، عن أبيه ، عنه . واختلف فيه فقيل : عنه ، عن ابن عمر . . . أخرجه الدارقطني أيضا ، والطبراني ، ورواه أبو داود في المراسيل من طريق عبد الملك بن المغيرة الطائفي ، عن عبد الرحمن بن البيلماني مرسلا ، حكى عبد الحق : أن المرسل أصح ورواه الدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري وإسناده ضعيف أيضا ، وأخرجه البيهقي من حديث عمر بإسناد ضعيف أيضا .

1673 - ( 3 ) - حديث : { من استحل بدرهمين فقد استحل . أي : طلب الحل }. البيهقي من رواية يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ، عن جده بلفظ : من استحل بدرهم ، وأخرجه ابن شاهين في كتاب النكاح له من طريق جارية بن هزم ، عن يحيى ، عن أبيه ، عن جده بلفظ { يستحل النكاح بدرهمين فصاعدا }. وفي الباب عن جابر أخرجه أبو داود بلفظ : { من أعطى في صداق امرأة سويقا ، أو تمرا فقد استحل }وفي إسناده مسلم بن رومان وهو ضعيف ، وروي موقوفا وهو أقوى .

1674 - ( 4 ) - حديث أبي سلمة : { سألت عائشة ما كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا ، أتدري ما النش ؟ قلت : لا ، قالت : نصف أوقية }. مسلم في صحيحه ، [ ص: 387 ] واستدركه الحاكم فوهم . وفي الباب عن عمر عند مسلم ، أيضا عن أم حبيبة عند النسائي .

( تنبيه ) :

إطلاقه أن جميع الزوجات كان صداقهن كذلك ، محمول على الأكثر ، وإلا فخديجة ، وجويرية بخلاف ذلك ، وصفية كان عتقها صداقها ، وأم حبيبة أصدقها عنه النجاشي أربعة آلاف كما رواه أبو داود ، والنسائي ، وقال ابن إسحاق عن أبي جعفر : { أصدقها أربعمائة دينار } ، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريقه ، وللطبراني عن أنس : { مائتي دينار } ، لكن إسناده ضعيف

1675 - ( 5 ) - حديث : { كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل }. متفق عليه من حديث عائشة وقد تقدم .

1676 - ( 6 ) - حديث : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق ، وقد نكحت بغير مهر ، فمات زوجها ، بمهر نسائها ، والميراث }. أحمد ، وأصحاب السنن ، [ ص: 388 ] وابن حبان ، والحاكم من حديث معقل بن سنان الأشجعي ، وصححه ابن مهدي ، والترمذي ، وقال ابن حزم : لا مغمز فيه لصحة إسناده ، والبيهقي في الخلافيات ، وقال الشافعي : لا أحفظه من وجه يثبت مثله ، وقال : لو ثبت حديث بروع لقلت به .

قوله : في راوي هذا الحديث اضطراب ، قيل : عن معقل بن سنان ، وقيل : عن رجل من أشجع ، أو ناس من أشجع ، وقيل : غير ذلك . وصححه بعض أصحاب الحديث ، وقالوا . إن الاختلاف في اسم راويه لا يضر ، لأن الصحابة كلهم عدول إلى آخر كلامه ، وهذا الذي ذكره الأصل فيه ما ذكره الشافعي في الأم قال : " قد { روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي أنه قضى في بروع بنت واشق ، وقد نكحت بغير مهر ، فمات زوجها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث }. فإن كان يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور بنا ، ولا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن كبر ، ولا يثنى من قوله إلا طاعة الله بالتسليم له ، ولم أحفظه عنه من وجه يثبت مثله ، مرة يقال : عن معقل بن سنان ، ومرة عن معقل بن يسار ، ومرة عن بعض أشجع لا يسمي . وقال البيهقي : قد سمي فيه معقل بن سنان وهو صحابي مشهور ، والاختلاف فيه لا يضر ، فإن جميع الروايات فيه صحيحة وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك ، وقال ابن أبي حاتم : قال أبو زرعة : الذي قال : معقل بن سنان أصح .

وروى الحاكم في المستدرك : سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول : سمعت الحسن بن سفيان يقول : سمعت حرملة بن يحيى قال : سمعت الشافعي يقول : أن صح حديث بروع بنت واشق قلت به . قال الحاكم : فقال شيخنا أبو عبد الله : لو حضرت الشافعي لقمت على رءوس الناس وقلت : قد صح الحديث فقل به ، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في العلل ، [ ص: 389 ] ثم قال : وأحسنها إسنادا حديث قتادة ، إلا أنه لم يحفظ اسم الصحابي ، قلت : وطريق قتادة عند أبي داود وغيره ، وله شاهد من حديث عقبة بن عامر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلا ، فدخل بها ، ولم يفرض لها صداقا ، فحضرته الوفاة فقال : أشهدكم أن سهمي الذي بخيبر لها }الحديث أخرجه أبو داود ، والحاكم .

( تنبيه ) :

اسم زوج بروع بنت واشق : هلال بن مرة ذكره ابن منده في المعرفة وهو في مسند أحمد أيضا .

1677 - ( 7 ) - حديث : { أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله وهبت نفسي لك ، وقامت قياما طويلا ، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة }. الحديث بطوله ، متفق عليه من حديث سهل بن سعد ، واللفظ الذي ساقه الرافعي أخرجه البخاري في باب السلطان ولي ، وفي رواية لمسلم : { زوجتكها تعلمها من القرآن }. وفي أخرى لأبي داود : { علمها عشرين آية وهي امرأتك }. ولأحمد : { قد أنكحتكها على ما معك من القرآن }.

1678 - ( 8 ) - حديث عمر : { أنه قال : فيها عقر نسائها } ، لم أجده ولكن تقدم في باب الخيار قول عمر : فيمن تزوج امرأة بها جنون أو جذام أو برص فمسها ، [ ص: 390 ] فلها صداقها ، وذلك لزوجها غرم على وليها ، فيمكن أن يكون ورد عنه بلفظ : لها عقر نسائها ، وأن العقر هو الصداق أو لمن وطئت بشبهة .

1679 - ( 9 ) - حديث ابن مسعود : فيمن خلا بامرأة ولم يحصل وطء لها نصف الصداق ، موقوف البيهقي عن الشعبي ، عنه وهو منقطع .

1680 - ( 10 ) - حديث ابن عباس مثله : الشافعي عن مسلم ، عن ابن جريج ، عن ليث ، عن طاوس . عنه به ، وفي إسناده ضعف ، وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر ، عن ليث وهو ابن أبي سليم ، ورواه البيهقي من حديث علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس أيضا .

1681 - ( 11 ) - حديث عمر وعلي : أنهما قالا : " إذا أغلق بابا ، وأرخى سترا ، فلها الصداق كاملا ، وعليها العدة " . البيهقي عن الأحنف عنهما ، وفيه انقطاع ، وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب ، عن عمر في المرأة يتزوجها الرجل : إنها إذا أرخت الستور ، فقد وجب الصداق وروى عبد الرزاق في مصنفه ، عن أبي هريرة قال : قال عمر : " إذا أرخيت الستور وغلقت الأبواب ، فقد وجب الصداق " . وفي الدارقطني من طريق عباد بن عبد الله عن علي قال . " إذا أغلق بابا ، وأرخى سترا ، ورأى عورة ، فقد وجب عليه الصداق " . ورواه أبو عبيد في كتاب النكاح من رواية زرارة بن أوفى قال : " قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أغلق الباب ، وأرخى الستر ، فقد وجب الصداق " وفي الدارقطني أيضا من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : [ ص: 391 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من كشف خمر امرأة ونظر إليها ، فقد وجب الصداق ، دخل بها أو لم يدخل }. وفي إسناده ابن لهيعة مع إرساله ، لكن أخرجه أبو داود في المراسيل من طريق ابن ثوبان ، ورجاله ثقات .

1682 - ( 12 ) - حديث ابن عباس : إن المراد بقوله تعالى : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح }إنه الولي . الدارقطني والبيهقي من طرق عنه .

وروى ابن أبي شيبة مثله ، عن عطاء والحسن والزهري .

وروى البيهقي عنه أيضا أنه الزوج ، من وجهين ضعيفين .

1683 - ( 13 ) - حديث علي : أنه كان يقول : " الذي بيده عقدة النكاح ، هو الزوج " . ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي أيضا عنه ، ورواه ابن أبي شيبة أيضا عن شريح وسعيد بن جبير ونافع بن جبير وغيرهم ، وفيه حديث مرفوع أخرجه الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي ، كلهم من حديث ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا ، وابن لهيعة مع ضعفه قد تقدم أنه لم يسمع من عمرو ، وقد قال الطبراني : إنه تفرد به .

التالي السابق


الخدمات العلمية