الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              58 58 - حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا أبو عوانة، عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة، قام فحمد الله وأثنى عليه وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد، فإني أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت: أبايعك على الإسلام. فشرط علي: " والنصح لكل مسلم ". فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم. ثم استغفر ونزل. [انظر: 57 - مسلم: 56 فتح: 1 \ 139]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا مسدد نا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا أبو النعمان نا أبو عوانة، عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يوم مات المغيرة بن شعبة قام فحمد الله وأثنى عليه وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن.

                                                                                                                                                                                                                              ثم قال: استعفوا لأميركم، فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد، [ ص: 235 ] فإني أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت: أبايعك على الإسلام. فشرط علي: والنصح لكل مسلم . فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم. ثم استغفر ونزل.


                                                                                                                                                                                                                              الكلام عليه من وجوه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث خرجه البخاري هنا كما ترى، وخرجه في كتاب البيوع بلفظ: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، والنصح لكل مسلم . وأخرجه مسلم بلفظين: أحدهما كلفظ البخاري الأول، والثاني بلفظ: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة فلقنني: "فيما استطعت". والنصح لكل مسلم .

                                                                                                                                                                                                                              الوجه الثاني: في التعريف برجاله:

                                                                                                                                                                                                                              أما الإسناد الأول فمسدد، ويحيى، وهو ابن سعيد القطان، وإسماعيل وهو ابن أبي خالد التابعي فسلف بيانهم.

                                                                                                                                                                                                                              وأما جرير (ع) فهو أبو عبد الله -أو أبو عمرو- جرير بن عبد الله بن جابر وهو الشليل بن مالك بن نصر بن ثعلبة البجلي الأحمسي -بالحاء والسين المهملتين- الكوفي.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 236 ] وبجيلة قبيلة معروفة نسبوا إلى بجيلة بنت (صعب) بن سعد العشيرة. قال ابن إسحاق: جرير سيد قبيلته. يعني: بجيلة. قال: وبجيلة بن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان.

                                                                                                                                                                                                                              نزل جرير الكوفة، ثم تحول إلى قرقيسيا وبها توفي سنة إحدى وخمسين. وقيل غير ذلك. له مائة حديث اتفقا منها على ثمانية، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بستة، كذا في شرح شيخنا قطب الدين، وفي شرح النووي : روي له (مائتا) حديث، انفرد البخاري بحديث، وقيل: بستة. ولعل صوابه: ومسلم بستة بدل: وقيل: بستة.

                                                                                                                                                                                                                              كان قدومه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة عشر في رمضان، (فبايعه وأسلم وقيل أسلم) قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يوما، وكان يصلي إلى سنام البعير، وكانت نعله ذراعا، واعتزل الفتنة، وكان يدعى يوسف هذه الأمة لحسنه.

                                                                                                                                                                                                                              روى عنه بنوه: عبد الله، والمنذر، وإبراهيم، وابن ابنه أبو زرعة هرم، ومناقبه جمة، ومنها أن وكيله اشترى له فرسا بثلاثمائة، فتخيل جرير أنها تساوي أربعمائة، قال لصاحبها: أتبيعها بأربعمائة؟ قال: [ ص: 237 ] نعم. ثم تخيل أنها تساوي خمسمائة قال: أتبيعها بخمسمائة؟ قال: نعم.

                                                                                                                                                                                                                              قال: فلم يزل كذلك حتى اشتراها منه بثمانمائة وقال: بايعت رسول الله على النصح لكل مسلم.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              ليس في الصحابة جرير بن عبد الله البجلي إلا هذا، وفيهم: جرير بن عبد الله الحميري فقط، وقيل: ابن عبد الحميد. وفيهم جرير بن الأرقط، وجرير بن أوس الطائي، وقيل: خريم، وجرير أو أبو جرير، يروى (حديثه) عن أبي ليلى الكندي عنه.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الراوي عنه فهو أبو عبد الله قيس بن أبي حازم. واسم أبي حازم عبد عوف بن الحارث، ويقال: عوف بن عبد الحارث بن عوف الأحمسي البجلي الكوفي التابعي المخضرم.

                                                                                                                                                                                                                              أدرك الجاهلية، وجاء ليبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبض وهو في الطريق -ووالده صحابي- سمع خلقا من الصحابة منهم: العشرة المشهود لهم بالجنة، وليس في التابعين من يروي عنهم غيره. وقيل: لم يسمع عبد الرحمن بن عوف، وعنه جماعة من التابعين، وجلالته متفق [ ص: 238 ] عليها، وهو أجود الناس إسنادا كما قاله أبو داود .

                                                                                                                                                                                                                              ومن طرف أحواله أنه روى عن جماعة من الصحابة لم يرو عنهم غيره منهم (أبوه، ودكين) بن سعيد، والصنابحي بن الأعسر، ومرداس الأسلمي - رضي الله عنهم -. مات سنة أربع، وقيل: سبع وثمانين، وقيل: سنة ثمان وتسعين.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الإسناد الثاني: فالراوي عن جرير زياد وهو: أبو مالك زياد بن علاقة -بكسر العين المهملة- بن مالك الثعلبي -بالثاء المثلثة- الكوفي، سمع: جريرا وعمه قطبة بن مالك وغيرهما من الصحابة وغيرهم، وعنه جماعات من التابعين منهم الأعمش، وكان يخضب بالسواد، وثقوه.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الراوي عنه فهو: أبو عوانة -بفتح العين المهملة- الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي سلفت ترجمته واضحة، وكررها النووي، وهي من آخر ما انتهى إليه "شرحه" رحمه الله.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الراوي عنه فهو: أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي البصري المعروف بعارم وكان بعيدا منه، لأن العرامة: الشراسة والفساد، يقال: عرم يعرم عرامة -بالفتح- وصبي عارم أي: شرس، من (العرام) بضم العين. قاله الجوهري .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 239 ] سمع ابن المبارك وخلائق، وعنه: البخاري وغيره من الأعلام.

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو حاتم: إذا حدثك عارم فاختم عليه.

                                                                                                                                                                                                                              وكان سليمان بن حرب يقدمه على نفسه إذا خالفه في شيء رجع إلى ما يقول.

                                                                                                                                                                                                                              وقال عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: اختلط أبو النعمان في آخر عمره وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا أن البخاري روى عنه بغير واسطة، وروى مرة عنه بواسطة، وكذا مسلم والأربعة.

                                                                                                                                                                                                                              مات سنة أربع وعشرين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              الوجه الثالث:

                                                                                                                                                                                                                              ذكر البخاري في الباب ثلاثة أحاديث: حديثين مسندين عن جرير، والثالث حديث: "الدين النصيحة" ذكره معلقا كما تراه، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" مسندا من حديث سهيل، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدين النصيحة" (ثلاثة) قلنا: [ ص: 240 ] لمن؟ قال: "لله وبكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". وليس (لهم) في "صحيح مسلم " سواه، ولا أخرج البخاري (لهم) شيئا، لأن سهيلا ليس على شرطه.

                                                                                                                                                                                                                              قال الخطابي: ترجم البخاري على حديث: "الدين النصيحة" ولم يسنده; لأن راوي الحديث تميم، وأشهر طرقه سهيل بن أبي صالح وليس من شرطه، وروي أيضا عن ابن عمر من طرق لا بأس بها.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: فقوي إذن. وقد أخرج له البخاري مقرونا.

                                                                                                                                                                                                                              وقال البخاري أيضا: سمعت عليا -يعني: ابن المديني- يقول: كان سهيل له أخ (توجد) عليه; فنسي كثيرا من الأحاديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحاكم: اجتهد مسلم وأكثر إخراجه (عنه) في الشواهد مقرونا في أكثر روايته بحافظ لا يدافع، فسلم بذلك من نسبته إلى سوء الحفظ. وأغرب بعض شيوخنا فقال في تعليقه على هذا الصحيح: حديث جرير في النصح شبيه بحديث تميم المذكور عند ابن [ ص: 241 ] خزيمة في كتابه: "السياسة"، ثم ساقه بسياقه مسلم ولا شك أن عزوه إليه أولى.

                                                                                                                                                                                                                              الوجه الرابع:

                                                                                                                                                                                                                              النصح نقيض الغش. نصح له ونصحه ينصح نصحا ونصوحا ونصاحة ونصاحة قاله ابن سيده، وقال صاحب "الجامع": النصح: بذل المودة والاجتهاد في المشورة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن طريف: نصح قلب الإنسان خلص من الغش، قال الجوهري : وهو باللام أفصح.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "الغريبين": نصحته: صدقته.

                                                                                                                                                                                                                              الوجه الخامس:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث عظيم جليل حفيل عليه مدار الإسلام لا كما قيل: إنه ربعه; فإن النصيحة كلمة جامعة معناها: حيازة الحظ للمنصوح له، وهو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام، ويقال: إنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة تستوفي بها العبارة على معنى هذه الكلمة كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة منه.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه. والنصاح: الخيط، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بفعل الخياط فيما يسده من خلل الثوب.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 242 ] وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع. شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى الحديث: عماد الدين وقوامه النصيحة كقوله: "الحج عرفة" أي: عماده ومعظمه، كما يقال: الناس تميم، والمال الإبل.

                                                                                                                                                                                                                              وإنما استفصلت (الكلمة) ; لأنها من باب المضاف فقال:

                                                                                                                                                                                                                              " (لله) ولكتابه" حلها شائعة في كل سهم من سهام الدين، وفي كل طبقة من طبقات أهله.

                                                                                                                                                                                                                              فأما النصيحة لله فمعناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشرك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بصفات الكمال (والجلال) كلها، وتنزيهه -سبحانه وتعالى- عن جميع أنواع النقائص وصفات المحدث، والقيام بطاعته واجتناب مخالفته، والحب فيه والبغض فيه، وموالاة من والاه ومعاداة من عصاه، وجهاد من كفر به، والاعتراف (بنعمه) التي لا تحصى وشكره عليها، والإخلاص له في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع هذه الأوصاف، وحث الناس عليها، والتلطف في جمعهم وإرشادهم إليها، وحقيقة هذه الإضافة راجعة إلى العبد في نصحه نفسه; (فالله) تعالى غني عن نصح الناصح وعن العالمين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 243 ] وأما النصيحة لكتابه تعالى فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام (الخلق)، ولا يقدر الإنس والجن لو اجتمعوا على الإتيان بسورة مثله، ثم تعظيمه وتلاوته حقها وتحسينها والخشوع عندها وإقامة ألفاظه، والذب عنه لتأويل الملحدين وتحريف المحرفين وتعرض (الطاعنين)، والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، والعمل بما اقتضى منه عملا، ودوام تدبره، والتصديق بوعده ووعيده إلى غير ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وأما النصيحة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فمعناها تصديقه في إرساله، وقبول ما جاء به ودعا إليه، والطاعة له فيما سن وحكم وشرع وبين من أمر الدين، وإعظام حقه، وتوقيره، ومؤازرته، وإحياء طريقته في بث الدعوة، وإشاعة السنة ونفي التهمة عنه فيما قاله، فإنه كما قال تعالى: وما ينطق عن الهوى [النجم: 3]، وقال: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم [النساء: 65].

                                                                                                                                                                                                                              وأما النصيحة لأئمة المسلمين فهم الخلفاء الراشدون ومن بعدهم ممن يلي أمر الأمة ويقوم، ومن نصحهم: بذل الطاعة لهم في المعروف، والصلاة خلفهم، وجهاد الكفار معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم سوء سيرة، وتنبيههم عند الغفلة، وألا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى بصلاحهم، وقد يتأول ذلك في الأئمة الذين هم علماء الدين، ومن [ ص: 244 ] نصحهم: قبول ما رووا إذا انفردوا، وتقليدهم، ومبايعتهم، وحسن الظن بهم.

                                                                                                                                                                                                                              وأما نصيحة عامة المسلمين: فتعليمهم ما يجهلونه، وإرشادهم إلى مصالحهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة كما قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة [النحل: 125]، وكقوله تعالى حكاية عن إبراهيم -عليه السلام-: يا أبت لم تعبد ، و هل يسمعونكم إذ تدعون [الشعراء: 72] الآيتين.

                                                                                                                                                                                                                              قال الآجري: ولا يكون ناصحا إلا من بدأ بالنصيحة لنفسه فعلمها; ليعلم ويحذر من مكائد الشيطان ويخالف النفس في هواها.

                                                                                                                                                                                                                              قال عيسى صلوات الله وسلامه عليه: الناصح لله الذي يبدأ بحقه قبل حق الناس، ويبدأ بأمر الآخرة قبل الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                              قال الحسن البصري: ما زال لله نصحاء ينصحون الناس في عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله (عليهم)، ويعملون له في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 245 ] الوجه السادس:

                                                                                                                                                                                                                              مراد البخاري بهذا الباب: وقوع الدين على العمل; فإنه سمى النصيحة دينا وإسلاما، وبايعه على النصح لكل مسلم كما بايعه على الصلاة والزكاة، فالنصح معتبر بعد الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                              وظن ابن بطال في "شرحه" أن مقصود البخاري الرد على من زعم أن الإسلام القول دون العمل، وهو ظاهر العكس; لأنه لما بايعه على الإسلام فشرط عليه: "والنصح" فلو دخل في الإسلام لما استأنف له بيعة.

                                                                                                                                                                                                                              السابع:

                                                                                                                                                                                                                              النصيحة فرض على الكفاية لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي فهو في سعة، فيجب على من علم بالمبيع عيبا أن يبينه بائعا كان أو أجنبيا، ويجب على الوكيل والشريك والخازن النصح.

                                                                                                                                                                                                                              الثامن:

                                                                                                                                                                                                                              قد تكون عامة وقد تكون خاصة، وقد سلف ذلك عند حديث عبادة إثر باب علامة الإيمان حب الأنصار، وكان المغيرة واليا على الكوفة لعمر بن الخطاب ثم لمعاوية بعده، ومات بها وهو وال عليها سنة خمسين.

                                                                                                                                                                                                                              التاسع:

                                                                                                                                                                                                                              قول جرير: (عليكم بالوقار والسكينة). أي: الزموهما.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 246 ] ويؤخذ منه أن العالم إذا رأى أمرا يخشى منه الفتنة على الناس أن (يعظهم) في ذلك ويرغبهم في الألفة وترك الفرقة.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى قوله: ("حتى يأتيكم أمير") أي: يقوم بأمركم وينظر في مصالحكم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("فإنه كان يحب العفو") جعل الوسيلة إلى عفو الله بالدعاء بأغلب خلال الخير عليه وما كان يحبه في حياته من العفو عمن أذنب إليه، وكذلك يجزى كل أحد يوم القيامة (بأحسن خلقه وعمله في الدنيا).




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية