الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            عدم وجوب الاستنجاء في أحوال

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا استنجاء على من نام أو خرج منه ريح . ( قال ) ونحب للنائم قاعدا أن يتوضأ ولا يبين أن أوجبه عليه لما روى أنس بن مالك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان ينام قاعدا ويصلي فلا يتوضأ ( قال المزني ) قد قال الشافعي لو صرنا إلى النظر كان إذا غلب عليه النوم توضأ بأي حالاته كان ( قال المزني ) قلت أنا وروي عن [ ص: 199 ] صفوان بن عسال أنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من بول وغائط ونوم ( قال المزني ) فلما جعلهن النبي صلى الله عليه وسلم ، بأبي هو وأمي ، في معنى الحدث واحدا استوى الحدث في جميعهن مضطجعا " كان أو قاعدا ولو اختلف حدث النوم لاختلاف حال النائم لاختلف كذلك حدث الغائط والبول ولأبانه عليه السلام كما أبان أن الأكل في الصوم عامدا مفطر أو ناسيا غير مفطر ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء " مع ما روي عن عائشة من استجمع نوما مضطجعا أو قاعدا وعن أبي هريرة من استجمع نوما فعليه الوضوء وعن الحسن إذا نام قاعدا أو قائما تؤضا ( قال المزني ) فهذا اختلاف يوجب النظر وقد جعله الشافعي في النظر في معنى من أغمي عليه كيف كان توضأ فكذلك النائم في معناه كيف كان توضأ واحتج في الملامسة بقول الله جل وعز أو لامستم النساء وبقول ابن عمر : قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة ، وعن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر واحتج في مس الذكر بحديث بسرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ " وقاس الدبر بالفرج مع ما روي عن عائشة أنها قالت : إذا مست المرأة فرجها توضأت واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أعتق شركا له في عبد قوم عليه " فكانت الأمة في معنى العبد فكذلك الدبر في معنى الذكر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح وقد ذكرنا ذلك من قبل ودليله الإجماع وهو ما روي أن عمر بن الخطاب سمع في الصلاة من خلفه صوتا فلما سلم من الصلاة قال عزمت على من كان ذلك منه إلا قام فتوضأ وأعاد الصلاة فلم يقم أحد ، فقال له العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : لو عزمت على جماعتنا يا أمير المؤمنين فقال عمر : عزمت عليكم وأنا معكم ثم قام فتوضأ وتوضئوا وأعادوا الصلاة جميعا ولم يستنجوا فكان ذلك إجماعا منهم على سقوط الاستنجاء منه فبطل به قول من ذهب من الخوارج إلى وجوب الاستنجاء منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية