الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6386 حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن جعفر بن ربيعة عن عراك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرني عمرو ) هو ابن الحارث ، وعراك بكسر المهملة وتخفيف الراء وآخره كاف ، هو ابن مالك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبي هريرة ) في رواية مسلم عن هارون بن سعيد عن ابن وهب بسنده إلى عراك أنه سمع أبا هريرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر ) كذا للأكثر وكذا لمسلم ، ووقع للكشميهني " فقد كفر " ، وسيأتي في " باب رجم الحبلى من الزنا " في حديث عمر الطويل " لا ترغبوا [ ص: 56 ] عن آبائكم فهو كفر بربكم " .

                                                                                                                                                                                                        قال ابن بطال : ليس معنى هذين الحديثين أن من اشتهر بالنسبة إلى غير أبيه أن يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود ، وإنما المراد به من تحول عن نسبته لأبيه إلى غير أبيه عالما عامدا مختارا ، وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد ينسب إلى الذي تبناه حتى نزل قوله تعالى : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله وقوله سبحانه وتعالى : وما جعل أدعياءكم أبناءكم فنسب كل واحد إلى أبيه الحقيقي وترك الانتساب إلى من تبناه ، لكن بقي بعضهم مشهورا بمن تبناه فيذكر به لقصد التعريف لا لقصد النسب الحقيقي ، كالمقداد بن الأسود ، وليس الأسود أباه ، وإنما كان تبناه ، واسم أبيه الحقيقي عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة البهراني ، وكان أبوه حليف كندة فقيل له الكندي ، ثم حالف هو الأسود بن عبد يغوث الزهري فتبنى المقداد فقيل له ابن الأسود . انتهى ملخصا موضحا .

                                                                                                                                                                                                        قال : وليس المراد بالكفر حقيقة الكفر التي يخلد صاحبها في النار ، وبسط القول في ذلك ، وقد تقدم توجيهه في مناقب قريش وفي كتاب الإيمان في أوائل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                        وقال بعض الشراح : سبب إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله ، كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان ، وليس كذلك لأنه إنما خلقه من غيره ، واستدل به على أن قوله في الحديث الماضي قريبا : ابن أخت القوم من أنفسهم و مولى القوم من أنفسهم ليس على عمومه ؛ إذ لو كان على عمومه لجاز أن ينسب إلى خاله مثلا وكان معارضا لحديث الباب المصرح بالوعيد الشديد لمن فعل ذلك ، فعرف أنه خاص ، والمراد به أنه منهم في الشفقة والبر والمعاونة ونحو ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية