الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1327 [ 682 ] وعن أبي سعيد الخدري : أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده ، إذ جالت فرسه فقرأ ، ثم جالت أخرى فقرأ ، ثم جالت أيضا ، فقال ، أسيد : فخشيت أن تطأ يحيى ، فقمت إليها ، فإذا مثل الظلة فوق رأسي ، فيها أمثال السرج ، عرجت في الجو حتى ما أراها . قال : فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي ، إذ جالت فرسي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأ ، ابن حضير . قال : فقرأت . ثم جالت أيضا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأ ، ابن حضير ! قال : فقرأت . ثم جالت أيضا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأ ، ابن حضير! قال : فانصرفت ، وكان يحيى قريبا منها ، خشيت أن تطأه ، فرأيت مثل الظلة ، فيها أمثال السرج ، عرجت في الجو حتى ما أراها . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تلك الملائكة كانت تستمع لك ، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم .

                                                                                              رواه البخاري (5018) من حديث أسيد ، ومسلم (796) من حديث أبي سعيد .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : فخشيت أن تطأ يحيى ، يعني : أنه خشي أن تطأ الفرس يحيى ابنه ، وقد فسره بعد ذلك . والظلة : السحابة فوق الرأس ; مأخوذة من الظل . والجو : ما بين السماء والأرض . والسرج : جمع سراج ; شبه الأنوار التي رأى في السحابة بها .

                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - لابن حضير : اقرأ ; عند إخباره له بما رأى ، هو أمر له بمداومة على القراءة فيما يستأنفه ; فرحا بما أطلعه الله عليه ، وكرر ذلك تأكيدا .

                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - : تلك الملائكة كانت تستمع لك : استطابة لقراءته ; لحسن [ ص: 439 ] ترتيلها ، وحضور قلبه فيها ، وخشوعه وإخلاصه . والله - تعالى - أعلم ، وإطلاع الله - تعالى - له على ذلك : إظهار كرامته له ; ليزداد يقينا مع يقينه ، واجتهادا في عبادته . وهذا دليل على جواز رؤية من ليس بنبي للملائكة .

                                                                                              وقوله : لو قرأت لأصبحت يراها الناس : يعني : لو دمت على حالتك في قراءتك لأصبحت على تلك الحال ظاهرة للناس ، لكنه قطع القراءة ، فارتفعت الملائكة وغابت ; لتخصيص الكرامة به ، وليعمل الناس على التصديق بالغيب .




                                                                                              الخدمات العلمية