الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون

                                                                                                                                                                                                                                      الخطاب بهذه الآية لليهود . والميثاق: مفعال من التوثق بيمين أو عهد أو نحو ذلك من الأمور التي تؤكد القول .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا الميثاق ثلاثة أقوال . أحدها: أنه أخذ ميثاقهم أن يعملوا بما في التوراة ، فكرهوا الإقرار بما فيها ، فرفع عليهم الجبل ، قاله مقاتل . قال أبو سليمان الدمشقي: أعطوا الله عهدا ليعملن بما في التوراة ، فلما جاء بها موسى قرءوا ما فيها من التثقيل ، امتنعوا من أخذها ، فرفع الطور عليهم . والثاني: أنه ما أخذه الله تعالى على الرسل وتابعيهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ذكره الزجاج . والثالث: ذكره الزجاج أيضا ، فقال: يجوز أن يكون الميثاق يوم أخذ الذرية من ظهر آدم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ورفعنا فوقكم الطور قال أبو عبيدة: الطور في كلام العرب: الجبل . وقال ابن قتيبة: الطور: الجبل بالسريانية . وقال ابن عباس: ما أنبت من الجبال فهو طور ، وما لم ينبت فليس بطور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأي الجبال هو؟ فيه ثلاثة أقوال . أحدهما: جبل من جبال فلسطين ، قاله ابن عباس . والثاني: جبل نزلوا بأصله ، قاله قتادة . والثالث: الجبل الذي تجلى له ربه قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      وجمهور العلماء على أنه إنما رفع الجبل عليهم لإبائهم التوراة . وقال السدي: لإبائهم دخول الأرض المقدسة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: خذوا ما آتيناكم بقوة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المراد بالقوة أربعة أقوال . أحدها: الجد والاجتهاد ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي . والثاني: الطاعة ، قاله أبو العالية . والثالث: العمل بما فيه ، قاله مجاهد . والرابع: الصدق ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 94 ] قوله تعالى: واذكروا ما فيه فيه قولان . أحدهما: اذكروا ما تضمنه من الثواب والعقاب ، قاله ابن عباس . والثاني: معناه: ادرسوا ما فيه ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لعلكم تتقون قال ابن عباس: تتقون العقوبة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية